– تفاعلات قيمة وجدها مقالنا الاول حول (الاسباب الحقيقية لإنهيار منظومة التامين الصحى بالسودان)، هذا التجاوب التلقائى يستحق التوثيق، عليه راينا تخصيص حلقة اليوم لعكس راى الخبراء و تعقيبات المتابعين لـ #البعد_الاخر .
– عقب صديقى، هشام احمد ابراهيم، خبير الصحة العامة المعروف قائلا، كلام ذي دق الدهب .. و أضيف تبعيه التأمين الصحي لوزاره الشئون الاجتماعيه كان في الظاهر إشاره لدوره الأساسي في تقديم الخدمه للشرائح الضعيفه من المجتمع، و اصبح بعدها بدايه لتأسيس وزارة صحة موازية .. و بدأ صراع لوبيهات وزارة الصحة الاتحاديه لإيجاد (جمبات) للمغضوب عليهم و ليس الضالين .. حيث كان يمكن لشويه إداريين و محاسبين إداره دولاب العمل بالتأمين الصحي بسلاسة و يسر، طالما يتم تقديم الخدمه عبر مؤسسات وزارة الصحة أو عبر المؤسسات الصحية الخاصة في حالة عدم توفرها في مراكز خدمة الوزارة ..
– و يضيف هشام، تم إدخال جميع موظفي الدولة (رجالة) في الخدمه و يتم خصم التأمين من مرتبات العاملين بغض النظر عن حصولهم على البطاقات أو الخدمة .. ثم حدث ما حدث .. تضخم رأس المال .. جاء واحد راسو مربع إقترح دخول التأمين في تقديم الخدمة مباشرة عبر مراكز تتبع له من الألف للياء .. مدخلا نفسه في دوامه من التعقيدات التي لا أول لها ولا آخر .. كوادر طبية و إدارية و عمال و سواقين و إسطول من العربات الاداريه و عربات الإسعاف و مباني جديدة و صيانة و غيرو .. تم انشاء وزارة صحة موازية بالكامل ..
– وابان هشام، بدلا من تخفيف العبئ على الحكومه و المواطن .. أصبحت الهيئه تتخبط لتوفير الأشياء الاساسيه لتسيير دولاب العمل اليومي .. أضف إلى ذلك تماطل وزارة المالية في دفع الاستقطاعات الشهرية .. الانتشار غير المدروس لخدمة التأمين في كل المجتمعات كان سريعا ولم تسبقة دراسات جدوى كافيه عن المخاطر المحتملة وكيفية معالجتها والتخفيف منها Risk analysis and mitigation وده شغل الناس بتدرسو وتنساهو .. و يجيك سياسي يهز عصايتو و يوعد بإدخال خمسين ألف أسرة تحت مظلة التأمين .. بدون وجود أي إمكانيات لوجستية لمثل هذا العدد، وزي ما بقول المثل (محنّة كُت كُت البلا لبن) ..
– وختم هشام، لابد من مراجعه هذا الترهل و إتخاذ قرارات جريئه لازالة هذة التشوهات .. و عودة التأمين لشراء الخدمة فقط .. تخفيض التكلفه الادارية .. التوسع الرأسي في تجويد وتنويع الخدمة المقدمة .. توفير الدواء الضروري وفوق طاقة المشتركين .. سقوط الاشتراك في الخدمة بعد التوقف عن سداد الاشتراكات لمدة شهر واحد .. تقسيم المشتركين إلى مجموعات حسب الخدمة و الموقع .. مثلا ريف و مدن .. إيجاد آليه لضمان إنسياب المال في قبضة المالية .. المهم إذا كان آخر العلاج الكي .. مراويدك حُمر يا أمي .. انتهى
– فى ذات السياق عقب صديقى اللدود، بلة تاج السر، الشهير بـ(عمو بلة)، اختصاصي اول الصحة العامة المعروف، الأستاذ بجامعة سنار قائلا، انا طبعا عندي رأي سالب حول الصندوق القومي للتأمين الصحي، و قلت قبل سنوات عديدة أنه مشروع استهبال و كذبة كبرى .. لكن هذا المشروع و بكل الاستهبال الفيهو كان قادر يحل جزء كبير من إحتياجاتنا كمرضى ..
– يضيف بلة، دا ما موضوعنا نرجع لقصة إنهيار المشروع اياه، ربما يكون ما ذكرته من صرف بزخي ساهم في سرعة الانهيار، لكن الانهيار بدأ من أيام حكومة الإنقاذ حينما توجه الصندوق من طرف تالت يشتري الخدمة إلى طرف تاني يقدم الخدمة، الأمر الذي جعل الرئيس السابق، عمر البشير، يصدر قراره على الهواء بعدم السماح للصندوق بتملك او بناء منشآت صحية و أن يحصر نفسه في خانة الطرف التالت (القرار لم يجد حظه من المتابعة) ..
– ابان بلة، تعرض الصندوق كغيره من المؤسسات بعد الثورة لهجمة كبيرة تمظهرت في ازاحة عدد كبير من أصحاب الخبرات و استبدالهم بمستجدي النعمة دخلوا الصندوق بشعور الفاتحين و في بالهم أن الصندوق مستنقع فساد و مخزن من مخازن أموال الكيزان و أن كل ما في الصندوق باطل ..- يضيف بلة، ثالثة الاثافي كان في إحجام وزارة المالية عن سداد المبالغ المستقطعة زائد مساهمة الدولة فتراكمت على الصندوق ديون ترليونية حدثني عنها بالأرقام الصديق اللدود، صالح عمر صالح الامين، قبل حوالي عام من الان بس انا نسيت الأرقام على وجه الدقة .. اذا اضفت إلى هذه الأسباب تزايد الطلب على العلاج و وجود منافسين من المؤسسات او اللوبيهات مع حالة سيولة الدولة، الصندوق القومي كان لازم ينهار .. انتهى
– الى ذلك، عقب الأستاذ الجليل، عبدالعزيز الجاك ابراهيم، بقروب مركز رؤى للدراسات الاستراتيجية، اتفق معك تماما د. مصعب بريــر، فيما ذهبت اليه، و نكأت الجرح طامعا في أن يجد الطبيب المداوي .. و الان تملك المشتركون اليأس فصاروا يدفعون مساهمة قليلة من الجيوب لاعانة الكوادر لتبقي في مراكز الخدمة فالجيوب فارغة، و الرؤي غائبة، الادوية غير متوفرة، و سندان الصيدليات الخاصة بطرق روشتات الادوية قضي علي ممتلكات الناس ..
– يضيف عبدالعزيز، فالمؤمن عليهم انقطعت رواتبهم مماجعل الايفاء بـ (4%) من الماليةصعب المنال مع تعثر دفع نسبة الـ (6%) التي تغطيها المالية فيما يخص العمال، اما التأمين الحر فيحتاج للمراجعات، فالتأمين الصحي تم التجني عليه بافراغه من معانيه السامية، و صار مطية يمتطتي صهواتها جيش جرار من المنتفعين و اصحاب المصالح الخاصة، الذين يدوسون علي أجساد المؤمن عليهم حتي تركوهم لا لحما ولا عظما ..
– اقترح عبدالعزيز ، بان يترك أمر التأمين للقطاع الخاص و بالنسبة التي يدفعها العامل يمكن أن يتم التعاقد مع المشتركين مباشرة بتوريد مساهماتهم بشيكات ضمان للمؤسسات التأمينية الخاصة بميزات تفضيلية، و يمكن للعامل أن يرفع النسبة التي يدفعها من راتبه الي (10%)، ويمكن للدولة أن تضيف (6%) للراتب مقابل التأمين الصحى، و يكون حرا و تستفيد الدولة من المتحركات و البنايات التى تم انشائها الان لأغراض أخري وتسرح العمالة الفائضة، و تستفيد من الكوادر الصحية المتعاقد معها في المؤسسات العلاجية التابعة لوزارة الصحة المفتقرة أصلا إليها الان .
.بعد اخير :
خلاصة القول، كانت وزارة صحتنا الافتراضية، الفاقدة لرشد التوجه الاستراتيجى، بدات تقيم الورش وتدبج الاوراق والسياسات (قبل الحرب) لضم برنامج العلاج المجاني للتأمين الصحي، و تقديمة هدية لمثواه الاخير في طبق من ذهب، ضاربة عرض الحائط بمصلحة المواطن، ناسية الهدف الذي من أجلة تمت إجازة برنامج العلاج المجاني من خلال خدمات المراكز القومية، بل تم تعيين مدير التامين الصحى مديرا للطب العلاجي ليضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ المشروع، ولكن ربك لطيف بعبادة ودعوات الناس ما بتقع واطة، والحمدلله لله رب العالمين نصير الضعفاء والموجوعين، واخيرا، لم يعد الصندوق القومى للتامين الصحى بوضعه الحالى صالحا للاستمرار، فالحل فى حل هذا الجسم المترهل، المريض، الغير قابل للعلاج، وان يكون البديل هو خصخصة خدمات التامين الصحى، ليتم تقديمها عبر القطاع الخاص المقتدر، كما هو معمول به بكل دول العالم الان، وسنوضح هذه التجربة الناجحة تفصيلا فى مقالنا القادم ان كان فى العمر بقية بمشيئة الله تعالى ..
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين