الصراع بين الإسلاميين والشيوعيين قديم لأسباب سياسية ولا أظن أنها دينية ولكن كل طرف يحاول أن يقصي الثاني بطريقته الخاصة من أجل الجلوس على كرسي السلطة، فالدين ليس المشكلة، فالشيوعيون ليس أقل تدينًا من الإسلاميين ولكن الإسلاميين يزينون للناس أن الشيوعيين كفرة وملحدين ويجب إخراجهم من المدينة ومحاولة إلصاق كل قبيح بهم والشيوعيون يعتبرون أن الإسلاميين يتاجرون بالدين، لكن للأسف في ظل هذا الصراع المحموم بينهم ضاع الشعب أو المواطن، فثورة ديسمبر المجيدة وما أن أسقطت نظام الإنقاذ قفز الحزب الشيوعي بشعاراته المعروفة والمعهودة مستوليًا على السلطة ومدعيا أنه من قام بها ومن حقه أن يحكم، بينما الإسلاميون الذين حكموا ثلاثين عامًا لم يعجبهم حكم الشيوعيين، لذلك بدأوا ضرب الطبول لإفشالهم وظلت المعركة بينهم حامية الوطيس والشعب يتلفت، ارتفعت الأسعار بصورة لم يصدق أحد حتى في ظل حكم الإسلاميين لم تحدث، والسبب أن الإسلاميين امتلكوا المال وسيطروا على السوق وظلوا يستخدمون المال في محاربة حكومة الحزب الشيوعي على الرغم من أن الحزب الشيوعي يدعي أنه خارج السلطة ولاعلاقة له بها الآن ولكن الناظر للأمور وما يجري على الساحة السياسية يتأكد أنهم وإن لم يكونوا داخل الحكومة، لكن الإسلاميين يحاولون أن تفشل لإلقاء اللوم عليهم وقد شهدنا الفترة الماضية الصراعات بين لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وأهل النظام السابق جمعوا خيلهم حتى تزداد معاناة الشعب لتسقط الحكومة من تلقاء نفسها بسبب قفة الملاح، فالإسلاميون خرجوا للعلن بعد أن صمدوا فترة من الزمن وحاولوا استغلال المناسبات من أجل إظهار قوتهم.
قبل يومين دعوة لإفطار جماعي بالساحة الخضراء احتفالا بغزوة بدر الكبرى ولكن الشيوعيين اعتبروا الاحتفال من وراءه أمر آخر وإنه ليس إفطارًا رمضانيًا كما اعتادوا أن يفطروا في الساحات خلال فترة الثلاثين عامًا من حكمهم، الإسلاميون لم يتوقفوا عن دعوة الإفطار ولكن الشيوعيين كانوا لهم بالمرصاد، أغرقوا الساحة الخضراء بالمياه مما جعلهم ينقلوا الاحتفال إلى خلف مطار الخرطوم ولكن التربص بهم ظل مستمرًا وما أن تجمعوا هجموا عليهم بالغاز المسيل للدموع وتشتتوا أيدي سبأ رغم أنهم قالوا لقد ثبتنا ولم نقطع الصلاة وسنظل على العهد ماضيين وعائدين، للأسف الإسلاميون لم يحافظوا على ملكهم ولم يطلبوا من حاكمهم الضرب على المفسدين واللصوص حتى تمضي مسيرتهم في حكم البلاد والعباد، لقد آثروا الصمت حينما بدأت ريحة الفساد تزكم الأنوف وبدأ الإعلام يتكلم عن زيد وعبيد ولكن الرئيس لم يعاقب أحد ولم يقدم منهم كبش فداء ( ليسكت) الناس، فاستشرى الفساد في كل مكان حتى فضحوا أنفسهم في مؤتمر الشورى، قال مساعد رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن بأن الفساد من الإسلاميبن والشيوعيين لم يمتلكوا المال ولم يتعظ الرئيس ومن حوله بتلك الرسالة التي تسربت في ما بعد لقناة العربية صورة وصوتًا.
إن ما يقوم به الإسلاميون الآن من حراك وتجمعات لو قاموا به قبل سقوطهم لجنبوا البلاد والعباد هذه الحالة التي يعيشها الشعب ولكنهم آثروا أن يكذبوا على آبائهم وأخذوا أخيهم (البشير) إلى غياهب الجب فألقوه فيه وجاءوا أباهم يبكون عشاء وقالوا له لقد أكل الذئب يوسف لم يصدقهم فأسرها في نفسه، لكن إخوة يوسف ( قوش ومن معه) كانوا يريدون الانتقام من الإنقاذ لما لحق بهم من ضرر ويخفون كل شئ فظن الرئيس بأن الموقف تحت السيطرة، للأسف البشير لم يكن يعلم بكل المؤامرات التي تحاك ضده لأن الثقة الأكثر من اللازم أضاعت نظام الحكم على الجميع ولو كانت تلك الجموع التي نراها الآن كل يوم خارجة في مسيرة أو في احتفال لو تجمعت آنذاك لما حدث الذي حدث.
أهل الإنقاذ الآن لا يعرفون ماذا يفعلون كل الحديث أن قحط هي التي دمرت البلاد ولم يدركوا أن البلاد دمروها بأنانيتهم وحبهم للذات، دمروها حينما سعى كل واحد منهم لجمع المال، حتى البشير في أواخر أيامه لم يكن الحاكم الفعلي، كانت هناك جهات أخري تحكم، لذلك حينما حدث التغيير يجب ألا يلام الفريق ابنعوف ولا عبد المعروف ولا جلال الشيخ ولا قوش، عليهم أن يلوموا أنفسهم لأنهم أضاعوا حكمهم بأيدهم جريًا وراء المال والثراء، فالرماة كانوا يبحثون عن الغنائم وتركوا المعركة لينقض عليها خالد بن الوليد وخسروها في لحظات بعد أن كانت تحت سيطرتهم، لذا يجب عليهم أن يتركوا تلك الفترة تنتهي بخيرها وشرها وإن كتب الله لكم الحكم من بعد ذلك تعالوا. دعوا الشعب يعيش حياته المائلة الآن، لقد أضعتم حكمكم فلا تتباكوا على زواله اليوم، اركزوا إن كانت لكم شفاعة من بعد ذلك.