الرئيسية » المقالات » وطن النجوم[علي سلطان]ما أمتع ليالي رمضان في الصين

وطن النجوم[علي سلطان]ما أمتع ليالي رمضان في الصين

سلطان

ادركنا رمضان في الصين اكثر من اربع مرات في سنوات متقاربة منها عامين   متتاليين في قوانزو وكان برفقتي الصديق العزيز رفيق الأسفار ابوالحسن التلب.. وكنا نقيم في فندق هادي قريبا من المطاعم العربية..  المرأة  الصينية التي تنظف غرف الفندق  وبالإنجليزية لا باس بها مع حركات يدين غاضبتين أعلنت  استياءها من نومنا  حتى منتصف النهار.

  وبدأت تسخر منا..واننا لا نقوم بعمل ما.. واخبرناها اننا في اجازة  وصائمون عن الأكل والشرب .. ولا نأكل ولا نشرب حتى تغيب الشمس.. انتفضت المراة واسمها مونيكا ثم فزعت  ثم اندهشت.. ثم علمت اننا نظل مستيقظين لا ننام الا بعد شروق الشمس.!! ثم أخبرت زميلاتها بذلك فتعاطفن معنا.
 ثم نشأت لنا معها علاقة طيبة.. وكانت مندهشة فعلا لعدم اكلنا طوال النهار.. وتجده أمرا صعبا.. ثم حين تحولت ورديتها الى الفترة المسائية كانت تفرح لافطارنا وكنا احيانا نحضر لها عند عودتنا من الافطارفي المطعم بعض الطعام.. فكانت فرحة بتلك المعاملة.. ثم لاحظت ان  في الفندق عددا من الافارقة والعرب من قاطني الفندق يصومون مثلنا.. ولكنهم تجار فيتحركون صباحا لشراء وشحن بضاعتهم وهم صائمون  فأعجبها ذلك..!

 وحيث إننا ليس لنا مصلحة في سعي النهار فقد لزمنا الفندق خاصة مع الحر والرطوبة العالية.. ولكن نتحرك ليلا عقب الإفطار.. وفي قوانزو  اكثر من جامع يصلي فيه التراويح.. وأكبر وأقدم  جامع فيها هو جامع أبي وقاص.. وتم تحديثه وصيانته في عام 2010 على ما  اذكر. وهو على سعة ساحاته الخارجية الا انها تضيق بالمصلين الذين يتوافدون بالآلاف لأداء الصلوات.
وخلال شهر رمضان لا  تغلق المطاعم العربية  أبوابها لأن هناك عددا من الرواد من غير المسلمين.. ولكن هناك وجبات إفطار  مخصصة للصائمين.. وهناك إقبال كبير من الصائمين على تلك المطاعم خلال وجبتي إفطار رمضان  والعشاء والسحور.. وفي مطعم السدة اليمني هناك  جلسة في ساحة  المطعم الخارجية تشهد إقبالا كبيرا من رواد المطعم وهي مكان مفضل للإنس  وتدخين الشيشة للراغبين.
وكعادات السودانيين الجميلة  حيثما رحلوا وحلوا فهناك إفطار رمضان في مكتب الأخ الفاضل قاسم إبراهيم حيث تجهز غرفة من المكتب للإفطار والصلاة .. ويجتمع السودانيين كل يوم للفطور في رمضان. وكلهم يقدمون خدماتهم من طبخ للطعام وإعداد المشروبات الباردة وكذلك الشاي والقهوة.. وهناك أيضا إفطار آخر  للصائمين   في شقة  عزابه سودانيين في قوانزو .. هذا فضلا عن الدعوات اليومية للصائمين من قبل السودانيين المقيمين مع اسرهم.. وتجد المائدة السودانية حاضرة بكل مكوناتها في تلك الإفطارات.. وهناك شباب ماهرين في الطبخ وإعداد الوجبات.
وفي مدينة ايوو التي يقيم فيها عدد مقدر من السودانيين يفطر السودانيون في نادي الحالية وهو نادي انيق مؤثث بشكل جيد.. وهناك برنامج حافل بالأنشطة في رمضان. كما انهم اعتادَوا دعوة احد المقرئين المعروفين ليكون ضيفا عليهم خلال شهر رمضان المعظم. وتنشط الدورات الرياضية  في هذا الشهر الفضيل حيث تقام منافسات حامية الوطيس بين شباب الجاليات العربية والافريقية والإسلامية وهي تحظى باهتمام و َمتابعة  واسعة من تلك الجاليات في مدينتي قوانزو و ايوو.
وفي مدينة ايوو جامع كبير بني حديثا يستقبل يوميا عددا كبيرا من المصلين من جنسيات متعددة.
وكذلك الحال في بكين العاصمة حيث يتجمع السودانيون للإفطار في احدى الشقق طيلة أيام رمضان.. ويصلون العشاء والتراويح في مسجد السفارة السودانية في بكين ويعد مسجد السفارة السودانية  من  المعالم. البارزة هناك.. ويصلي فيه معظم أعضاء البعثات العربية والإسلامية والمسلمين من الصينين والجالية الإسلامية في بكين.
واذكر اننا صمما بضعة أيام في بكين في عام 2015..ونزلنا في أحد الفنادق وقبيل الإفطار سألنا عن اي مطعم إسلامي او مطعم  حلال قريب.. وبالفعل وجدنا مطعما انيقا وليس بعيدا عن مقر سكننا.. فأفطرنا هناك.. وقبل ان نكمل إفطارنا بدأت راقصة وصلة من الرقص الشرقي التي جعلتنا نغادر سريعا من المطعم الحلال..!
ولا أنس إفطارا رمضانيا رائعا عامرا بالصفاء والجلال في مسجد عتيق في مدينة   ينشوان عاصمة مقاطعة ننغشيا لقومية الهوي ذاتية الحكم.
 حيث سمعت صوت اذان الفجر وانا في  الفندق.. وقبيل الإفطار لاحظت أن هناك جامعا كبيرا غير بعيد.. فذهبت الى هناك قبيل اذان المغرب فجلست بين مجموعة من المجموعات العديدة  في ساحة المسجد.. كان الوجبة واحدة وطنها  حساء ساخنا مع قطع خبز وماء ثم شاي اخضر.
وبعد الاذان أفطرت معهم وصليت معهم المغرب وعدت لصلاة العشاء والتراويح فكانت أمسية جميلة  لا تنسى وهم يسلمون علي  ويصافحوني بمحبة ظاهرة وكان معظمهم من كبار السن. وكانت مدينة ننشوان مضاءة في كل شوارعها وميادينها (باهلة) تشع نَورا.. واذكر انني تعرفت على شاب  معلم سوداني في جامعة  ينشوان وافطرت معه وزوجته وانضم إلينا ضيف آخر فطورا سودانيا كامل الدسم.
ثم جاءت الكورونا ولعنتها لتفسد كل تلك الحياة الجميلة في الصين.. ولكن إن شاء الله تعود الأيام إلى سابق عهدها اجمل وانضر وابهى. وثد بدأت البشائر تتري.. والعودة وشيكة