الرئيسية » المقالات » وطن النجوم[علي سلطان]اللوري حل بي..ليلة العيد!!

وطن النجوم[علي سلطان]اللوري حل بي..ليلة العيد!!

سلطان1

ادركنا وقت أذان وصلاة المغرب على مقربة من مدينة بانقا شمال الخرطوم.. كنا صائمين ونركب (لوريا سفريا) خال ٍ من البضائع ومكتظ بالركاب وشنطهم.. كنا مجموعة متباينة من الناس في السحنات الأشكال والأحجام ولكن ما جمعنا هو سفرنا الى مدينة شندي بغية إدراك أول ايام العيد مع اهالينا.
لم اجد في محطة بصات شندي القديمة وسيلة مواصلات غير هذه اللوري السفنوج.. وكان التردد في ركوبه يعني ان لا أتمكن من قضاء العيد بين اهلي في شندي.. حسمت امري سريعا وركبت مع الراكبين وشنطهم ومعي شنطتي.
كان الوقت منتصف نهار من نهارات رمضان الحارة في شهر أغسطس عام 1979 والشمس تتوسط كبد السماء كما يقولون.. وكأنها دنت قليلا نحونا.. وكنا وقوفا ليس هناك مكان للجلوس..!
كنت في صغري معتادا ركوب اللواري من شندي إلى الخرطوم وكثيرا ما أدركنا الليل في عند خور العوتيب.. وكم من مرة نمنا عند خور العوتيب.. حيث نتوسد الأحجار وتغط في نوم عميق.
حين أدركنا وقت المغرب توقف اللوري عند أحد الترع وكانت الأمطار قد هطلت في تلك المنطقة قبل يومين او ثلاثة.. فشربنا من الترعة وقد أدركنا الظمأ من الصوم..ثم استأنفنا السير الحثيث حتى لاحت مدينة بانقا بأضواء خافتة ففرحنا فرحا شديدا.
نزلنا عند أحد المطاعم الذي كان دكانا واحدا وامتدت الترابيز على طول الساحة.. وتزاحمنا حول الترابيز.. واكلت فولا وجدته لذيذا مع شبه ملتهبة من جمر الموقد المتقد ثم طلبت شاي ساده فكان رائعا واعقبته بشاي لبن طازج حيث تشتهر مدينة بانقا بتوفر الألبان واشتهرت بمنتج الروب.. والسمن.
عندما جاء وقت الحساب. سألت الفتى الذي يحاسب الزبائن.. كم الحساب.؟ .قال لي مبلغا وجدته كثيرا لا يتناسب مع وجبتي الفول والشيه..!! فقلت للفتى ضاحكا ومستنكرا.. لماذا الاكل عندكم غالي جدا.. هل نحن في الهليون..!! اندهشت لضحكة مجلجلة من الفتي.. ثم قال لي مواصلا ضحكته انظر الى تلك السبورة هناك ..؟
ونظرت حيث أشار.. فوجدت سبورة على الحائط كانت بمثابة قائمة طعام ثابتة .. وقد كتب عليها (مطعم هلتون بانقا) .. ثم اسعار الاكلات.
فضحكت معه ضحكا متواصلا.. وقلت له احسنت.. فعلا هيلتون بانقا.. تستاهل المبلغ وزيادة.
ثم واصلنا الرحلة بعد صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير.. ولكن كنا نشعر بسعادة غامرة بعد الإفطار فقد ذهب الظمأ وابتلت العروق وشبعت البطون.. فكان باقي الرحلة الى شندي لطيفا مع تحسن الجو وبدأ خريفيا جميلا.
كنت أول النازلين عندما دخلنا شندي عند مصنع الثلج في شندي فَوق.. ثم واصلت السير غربا ماشيا ومعي شنطتي حيث مربع 7 حينا القديم.
كانت هذه عودتي الاولى الى شندي بعد اغترابي في الإمارات.
واصلنا السهر حتى أذان الفجر مع فرحتي والوالدين والاخوان والاخوات بالعودة المفاجئة التي لم تكن في الحسبان.