الرئيسية » المقالات » وحي الفكرة [محجوب الخليفة]قراءة واقعية لمأساة المناقل

وحي الفكرة [محجوب الخليفة]قراءة واقعية لمأساة المناقل

الخليفة

الدمار الشامل الذي أحدثته الأمطار والسيول التي اجتاحت هضبة المناقل، هو نتيجة لمؤامرة ولكنها ليست كما زعم  بعضهم بأن جهات معينة أغلقت مجرى النيل الأزرق عند خزان سنار ووجهت كل المياه تجاه المناقل عبر الميجر الرئيس
 ولكن المؤامرة أكبر من ذلك وقد كشفتها الكارثة بكل وضوح وهي أن السودان ورغم خبرائه المشهود لهم بالكفاءة في مجال الري  وعلم المياه ظل وحتى لحظة كتابة هذه السطور وطنا مكشوفا أمام الكوارث المتعلقة بالسدود، والسيول والأمطار
 لغياب الجهات الرسمية المؤهلة  مثل وزارات الري، البيئة، والتخطيط العمراني والمؤسسات العلمية التى تسهم في إعداد الدراسات العلمية والتى تساعد تلك الوزارات فى تنفيذ مشروعاتها منعا لوقوع أى آثار كارثية لتدفقات المياه ( مهام وزارة الري ووزارة البيئة)   وتحديد  المواقع المناسبة للمخططات السكنية (مهام وزارات التخطيط العمراني والإسكان بما فيها إدارة المساحة)
 كما أنها أيضا مؤامرة من المواطن المتضرر نفسه لأنه غالبا مايتجاوز النظم والتوجيهات وإحداث مايؤثر على تصريف المياه حينا والبناء في الأماكن المنخفضة أو مجاري السيول حينا آخر.
لاتوجد مؤامرة لجهة، وما ذهب إليه بعض السذج بأن جهات تعمدت إغراق المناقل يظهر جهلا مخجلا لأن هناك سؤالا واحدا تؤكد الإجابة عليه بأن الحديث عن مؤامرة متعمدة مجرد فرية واكذوبة والسؤال هو (إذا كانت كوارث المناقل مؤامرة مقصودة لتدميرها
فما هي الجهات التي تآمرت على قرى نهر النيل  وكسلا وقرى البطانة؟) فالحديث والتبرير الذي يقبله العقل هو أن تحولا مناخيا قد حدث بالفعل نتيجة احتجاز كميات ضخمة من المياه بعد ملء سد النهضة عند الحدود السودانية الاثيوبية
 والدليل التغيير المناخي الذي حدث بشمال السودان بعد إنشاء سد مروي. كما أن مواقع القرى المتضررة في هضبة المناقل حيث تقع تلك القري في أماكن أشبه بالاحواض لأنها محاطة  بسدود القنوات (الترع) مما يؤدي إلى صعوبة تصريف مياه الأمطار عند هطولها بكثافة وفوق المعدلات الطبيعية.
من المؤسف حقا أن تتكرر مأسي الأمطار و السيول والفيضان سنويا فلا نستفيد من الأخطاء ولا نستعد للموقع في قادم السنوات، والمشهد يتكرر سنويا في ولايات السودان المختلفة في الغرب والشرق والجنوب والوسط وفي القرى والمدن بل وداخل منازلنا

فلا نستوعب درسا ولا نهتم ولا نخطط لمواجهة الكوارث المحتملة، وتوقع أسوأ الأحداث والاستعداد بل والعمل على ابتكار مشاريع عمرانية تتولى الدولة تنفيذها مع شركات عالمية توظف المساحات وتوفر السكن الآمن بعيدا عن تأثير الأمطار والسيول والفيضانات.
ماحدث في المناقل ونهر النيل ودارفور وبعض قرى كردفان والبطانة من أضرار  وخسائر في الأرواح والممتلكات يدفعنا لطرح سؤال مهم جدا وهو :-  ما هي مشاريع الدولة الإحترازية لحماية السودان من كارثة عظيمة محتملة في حال إنهيار سد النهضة الإثيوبي لاقدر الله؟