الرئيسية » المقالات » وحي الفكرة [محجوب الخليفة]السودان صياغة المواطن..تأهيل الدولة

وحي الفكرة [محجوب الخليفة]السودان صياغة المواطن..تأهيل الدولة

الخليفة

طرحت إحدى الصحف العربية سؤالا على قرائها وهو (لماذا نحن متخلفون عن ركب التقدم والتطور؟ ) لتعرف اﻹجابة المتفق عليها من قبل معظم القراء ، وبالفعل اتفق معظم القراء أن السبب اﻷساسي لتخلفنا هو سوء اﻹدارة.
الصحيفة لم تكتف بتلك اﻹجابة فأعادت السؤال للقراء مرة اخري ولكن بعد تعديله ليكون ( ماسبب سوء اﻹدارة عندنا إذن؟) فجاءت اﻹجابة بإجماع كامل واتفاق معظم القراء (السبب خلل في التربية).
وخلل التربية يعني مرض تربوي سالب يسيطر على سلوكنا كمواطنين ، وسوء اﻹدارة آفة مدمرة تتحكم في مفاصل الدولة لتهدر مواردها وتمنعها من التطور واﻹزدهار.
إذن هناك متلازمتان للتخلف والتردي هما الخلل التربوي لدينا كأفراد وسوء اﻹدارة لدى دولتنا.
كثيرا ما يناقشني الصديق والاخ الاستاذ فيصل سعدالدين احمد وهو مواطن سوداني مهموم بقضايا السودان ومحزون ﻷنه على قناعة بأن المواطن السودان أشبه بإنسان يجلس على تلة من الكنوز ويمد يديه متسولا اﻵخرين.. فاﻷخ فيصل لديه مشروع صناعة المواطن اﻹيجابي لقناعته ان السودان وطن غني جدا ولكنه مأزوم بالسلوك السلبي لمواطنيه..
ورؤية اﻷخ فيصل لاتخرج عن إطار تشخيصا للحالة السودانية المزمنة إذا جاز لنا ان نطلق عليها حالة مزمنة.
السلوك السالب للمواطن السوداني ينشأ باكرا في طفولته اﻷولي عندما تمتد يده إلى ممتلكات غيره فلا يوجه ليعرف أن عليه أن يستأذن اولا ، وان يوبخ إذا ارسلته والدته للبقالة او لشراء خبز فتجرأ وتناول جزءا منه في الطريق
المسؤول الذي يقتطع من المال لنفسه او (يسف ) موارد وطنه بلا وازع هو نفسه ذاك الطفل الذي اقتطع من الخبز أو سف السكر في قارعة الطريق دون أن تعاقبه اﻷسرة ، ولطالما أن اﻷسرة هي الوطن اﻷصغر الذي سمح للطفل بالمخالفة والسلوك السالب ،فإن ذات اﻵسرة ستكون هي وطنه الكبير حيث يصبح ذاك الطفل (اللص الصغير) هو نفسه رئيس أو وزير أو مدير في دولته ويسيطر سلوكه السلبي كمواطن ومسؤول على مفاصل دولته لتبقى دولة متخلفة تعاني (حالة العجز المزمن).
حالة التخلف المقيم والعجز المزمن لن يتخلص منها السودان وكل الدول المشابهة لحالته ،إﻷ بإعادة صياغة المواطن ومن ثم إعادة تأهيل الدولة، فمتى يحدث ذلك ؟ ربما بعد اﻹنتباه لما ننادي به وهو إستراتيجية صناعة المواطن اﻷيجابي.