من أجمل الأرزاق والمواهب الإلهية الممتعة أن ينعم الله عليك بموهبة تدبر القرآن، فيتجدد إيمانك بعظمة القرآن وتكتشف الجديد المدهش كلما أعدت قراءة السور وتأملت الآيات، وسورة يوسف من السور القرآنية المنعشة
نعم فهي من القصص المحتشدة بالوقائع والأحداث، المتوقعة مستقبلا وهي المتعلقة بالعلو والرفعة، منذ أن حكي يوسف لأبيه يعقوب رؤياه (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت اني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) الآية4، ثم التنبيه الصادر من نبي الله يعقوب إلى ابنه يوسف (يابني لاتقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا)الآية 5. ثم الأحداث والوقائع المتعلقة بالكيد وتفاصيلها ابتداءا بمكيدة الذئب والجب مرورا بمكيدة المراودة المفتعلة من إمرأة عزيز مصر، وانتهاءا بإلصاق تهمة السرقة بنبي الله يوسف عندما وجد صواع الملك في رحل أخيه بنيامين وهو من دبرها ليحتفظ بأخيه (إن بسرق فقد سرق اخ له من قبل فأسرها يوسف فى نفسه) الآية 77 من سورة يوسف.
إذن نبي الله يوسف الصديق قد مر في حياته بعدة حوادث، أوردها القرآن جميعا،. لكن ثمة لطائف قد قطفتها كثمار وهي إكتشاف ان لكل حادثة قميص، وهو إكتشاف متلازمة جديدة مع لكل حادثة حديث لتكون لكل حادثة قميص وهي ملاحظة تبدو كهدية ممتعة وجائزة لقراءة سورة يوسف بتدبر عميق.
1- حادثة أكذوبة الذئب وجريمة الجب لها قميصها.
2-حادثة مراودة إمرأة العزيز لفتاها (سيدنا يوسف) لها قميصها.
3-حادثة ادعاء أخوة يوسف واتهامه بالسرقة لها قميصها.
4-وحادثة إسترداد نبي الله لبصره لها قميصها.
والعجيب فعلا أن يكون القميص مع كل حادثة قميصا متعلق بالحادثة فقط، إلا فى ما يتعلق بفريةالصاق السرقة بيوسف وحادثة إسترداد يعقوب لبصره فالقميص هنا هو نفس القميص في الحادثتين.
فالقميص الذي ارتبط باكذوبة الذئب وجريمة إلقاء يوسف في الجب هو قميص يوسف الخارجي إذ أن إخوته نزعوه من يوسف ولوثوه بدم شاة ثم قدموه لأبيهم يعقوب كدليل لزعمهم (أكله الذئب) فالملاحظ ان قميص يوسف الملوث بالدم والذي قدمه إخوته كدليل على أكل الذئب ليوسف بقى لدى يعقوب ولم يعد قميصا ليوسف ثم إنه قدم كدليل اتهام للذئب ولكنه أصبح دليل براءة للذئب ودليل لجريمة كيد أخوة يوسف، ثم إن القميص الذي كان يلبسه نبي الله يوسف عند مراودة إمرأة العزيز له هو قميص آخر وقد استشهد به ليثبت براءة يوسف (وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) الآية 27.
ثم إن فرية إلصاق السرقة بنبي الله يوسف فهي أيضا متعلقة بقميص يمكن أن نطلق عليه قميص العناية الإلهية فهو من نصيب عمة نبي الله يوسف فيما ورثت من ابيهاابراهيم عبر والدها إسحاق، وقد قيل أن اخت يعقوب كانت تحب ابن أخيها الصغير يوسف و متعلقة به وكانت تطلب من أخيها يعقوب أن يسمح لها بأن يبقى يوسف معها، ولكن يعقوب كان شديد التعلق بابنه يوسف، مما اضطر اخته لإختلاق مكيدة تمنحها الحق في إسعاد نفسها بمشاركة أخيها يعقوب وإبقاء يوسف عندها عدة أيام في الأسبوع فدبرت مكيدة بأن البست يوسف الصغير قميص إبراهيم تحت ملابسه الظاهرة ثم اشاعت في مجلس الأسرة أن أحدا منهم سرق القميص الذي ورثته فما كان منهم إلا أن يسمحوا لها بتفتيش الجميع ثم تتجه في نهاية المطاف للصغير يوسف ثم لتكشف للجميع أنها وجدته عند يوسف ليظهر وكأنه السارق بينما الحقيقة أنه برئ، وكأن من المتبع عند بني إسرائيل أن يمنح المتضرر من السرقة حق إصدار الحكم، فجاء حكم عمة يوسف أن تحتفظ به ليكون بيتها عدة أيام كل أسبوع، وهذه الحادثة هي التي ذكرها أخوة يوسف عندما استخدم يوسف ذات المكية للإحتفاظ بأخيه بنيامين فدس صواع الملك في رحله، فقال أخوة يوسف عندما ظهر للجميع أن صواع الملك في رحل بنيامين فقالوا (إن يسرق فقد سرق اخ له من قبل فاسرها يوسف فى نفسه)، والغريب أن بعض المفسرين ذهبوا إلى أن وصف أخوة يوسف له والصاق تهمة السرقة مرتبط بأخذ يوسف في صغره لصنم للقوم وتحطيمه، ولكن هذا التفسير يبدوا غريبا مع سياق الوقائع وكأنما تدبير يوسف لمكيدة السرقة والصاقها بأخيه هي دليل على صحة تدبير عمته لإظهار كسارق وهو برئ لتفوز بما تريد، فعمة يوسف كانت راغبة في الإحتفاظ بيوسف ويوسف كان راغبا في الإحتفاظ بأخيه،ثم إن القميص الذي أرسله يوسف مع إخوته واخبرهم بأن ابيهم سيسترد بصره بمجرد إستلام القميص يؤشر بأن يوسف ظل محتفظا بذات القميص المبارك (قميص العناية الإلهية).
وثمة ملاحظة لطيفةوعجيبة في ذات الوقت وهي الحوادث الأربعة ارتبط بثلاثة اقمصة قميصين إرتباط بالكيد الخبيث مكيدة الجب. مكيدة ألمراودة، ولكن قميص العناية الإلهية المبارك كان في مكائد الخير والحب وهما مكيدة اخت يعقوب حبا في يوسف ومكيدة يوسف حبا في أخيه بنيامين، ورغم كل ما ذكرناه من متعةتدبر القرآن والطائف سورة يوسف وشرحنا للعنوان نبي الله يوسف لكل حادثة قميص، رغم ذلك فإنني اتوقع الإنتقاد بل والإتهام بالخطرفة وأن كل ماذكرت هو صنائع الخيال الخصب والتأليف فق