من حقي أن احتفظ بدموعي على رحيل الفنان الأسطوري عبدالكريم الكابلي فالإنسان بطبعه يكره فكرة ذهاب الأشياء الجميله رغم أن الكابلي كان يودعنا بصبره الجميل وشجاعته النادرة وصموده اللامحدود على ضربات المرض العضال الذى هد كيانه وخطف حيويته اللامعه وجاذبيته المعهودة.
كان الكابلي شخصيه استثنائيه لاتقبل الأطر القديمه والنمطيه الممجوجه فقد كان مطربا لايشق له غبار وشاعرا من عتاة الفحول وملحنا تتمايل من قدرته أوراق الشجر ومتحدثا فصيحا ذرب اللسان ومثقفا ملما باركان المعرفه والاستناره بلاحدود.
رفد الكابلي مكتبة الاغاني ماهو طيب وعذب وعميق فغني بالفصحى ضنين الوعد وشذي زهر فضلا عن زمان الناس ومروي والقومة ليك ياوطني وليلة المولد وابدع ايما ابداع عندما حلق بالحضور الاتحادي في ليلة الوفاء لتابين الشريف زين العابدين الهندي بقاعة الصداقة عام 2006م وهو يظهر قدرته العميقه في الموسيقى والمقاطع اللحنيه عند تقديم أوبريت سودانيه التي عكست السودان بثقافته المتعددة وقبائله الكثيرة وخصوصيته المتفرده.
لا أعرف كيف يقاوم تلاميذه ومعجبوه وجمهوره الواسع فراقه الجلل وكيف تكون احوال ساحة الفن والتطريب والثقافة بغيابه المؤثر فضلا كان الراحل الكبير الكابلي دعامه اساسيه في محراب الاغنيه السودانيه ومرجعيه تكتظ بالعلم والاناقه في عالم المشوار الثقافي والمعرفي لن يجود الزمان بمثله.
جسد الكابلي كل مقومات الفنان الذي حمل رسالة الفن في حدقات عيونه، فقد منحها صحته وعلمه ووقته وحبه واخلاصه كان طاقه لاتعرف الفتور وفارسا لايعرف التخاذل ونجما لامعا لايافل ، وكان رحيله مثل النيزيك الذى يزداد لمعانا وهو على حافة الاختفاء.
رحم الله الفنان العملاق الكابلي واسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقيين والشهداء وجعل البركة في ذريته.