وانا استعد لكتابة هذه الزاوية لكي اختار مادة اتناولها عبر هذه المساحة وذلك في خضم الاحداث التي تشهدها البلاد خاصة وقد ابتعدت قليلاً هذه الأيام عن الكتابة في الاقتصاد لأنها أصبحت غير مجدية واقتصادنا يعاني مايعاني
ولكن (مرات الشوق غلاب) لان هذا القلم اعتاد الخوض في الاقتصاد في بلد معروف بخيره الوفير ولكنه فقط ينقصه التخطيط والرؤى الواضحة والاستفادة من الموارد للخروج من الازمة وكما قلت وانا استعد لكتابة هذه الزاوية لفت انتباهي البسمة التي ستتركها “الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس” لدعمها وتكفلها بتوفير وجبة فطور لعدد (50) يتيماً من تلاميذ مدرسة اللاماب بحر ابيض الاساسية بنين وذلك طوال فترة دراستهم .
نعم انها لفتة بارعة من المواصفات تستحق الاشادة والتقدير من الكل لانها تزرع الابتسامة والفرح في نفوس الايتام واسرهم ونحن نعي تماماً ماذا يعني يتيم؟ وماذا يعني الفقر؟ خاصة وان هناك أسر كثيرة متعففة لا يسالون الناس الحافاً تحسبهم اغنياء من التعفف.. لفتة تستحق الشكر والتقدير من الكل ودعوة بطريقة او باخري للمؤسسات الحذو بنفس هذه الطريقة لنتفقد اليتامى والمساكين والفقراء بنفس هذه الطريقة او بطرق اخرى حتى نغرس في دواخل طلابنا وتلاميذنا حب العلم والتعليم … فالعلم هو الذي يقود الأمم خاصة (هو جوع والعلم بتلموا؟) او كما قال الشاعر
أقول هذا، وفي الخاطر القصة الشهيرة التي كتب كلماتها الشاعر “حاتم حسن الدابي” تحت عنوان (قلم وكراس وحتة عيشة)…هذه القصة الحقيقية بطلتها طفلة بمرحلة الأساس، وقد اتهمت بسرقة (10) جنيهات، من إحدى الطالبات، وتم تفتيش كل طالبات الصف، إلا أن هذه الطالبة رفضت التفتيش واحتضنت حقيبتها الدراسية وأمسكتها بيديها الأمر الذي أدى إلى أن تحوم الشكوك حولها، وعندما تم توبيخها كانت صامتة ودموعها منهمرة وتحت إصرار تم سحب حقيبتها من بين يديها وتم فتحها.. أتدرون ما بداخلها ؟.
كانت هذه الطفلة تجمع (فضلات) فطور الطالبات بعد أن يقمن برميها في المهملات وتضعه في حقيبتها ليكون الوجبة الوحيدة لوالدتها المريضة وأشقائها الأربعة الصغار بالمساء، .. بعد ذلك بكى الجميع وعندما ذهبوا لمنزل الطفلة وجدوا حالاً بائساً ووضعاً لا يحتمل.. ، وكان (بواقي) فطور الطالبات هي الوجبة الوحيدة لهم بعد أن يتم (رشها) بالماء.
الشاعر “حاتم حسن الدابي” جسَّد هذه الصورة في هذه الكلمات، وقد قال في القصيدة التي اسماها “قلم وكراس وحتة عيشة” قال :
يا أستاذة أقري بشِيشه
فيهو براءة تعكس فِيشه
شوفي الشنطة وزن الريشة
شنو الجابرك علي فِتِيشة
تراكي لقيتي في هِبيشة
قلم وكراس وحِتّة عِيشة … ويواصل ويقول عن الطفلة :
طفولته من بدت محزونة
تنوم في قِطعة من كرتونة
هي تقعد للعِصير جيعانة
تلقِط علشان تعشي أخوانها
ممرضة أمها العيانة
أدتها حِن وهي فاقدة حنانها
فِعلاً طفلة صِح إنسانة
تقري وشايلة هم العيشة
نعم هنالك الكثير من الأيتام يحتاجون للدعم وعلى اقل تقديم وجبة الفطور لهم وهو يذهبون للمدارس من أجل نيل العلم والتعلم كما ان تقديم الدعم لهم يعبر عن الانسانية ويترك اثراً طيب في النفوس المتعففة … كل الشكر ل”المواصفات” على هذه اللفتة الجميلة والتي ستكون حافزاً لمؤسسات وجهات أخرى للحذو بنفس هذا التوجه سواء عن طريق تقديم وجبة الإفطار بالمدارس لليتامى او بطرق اخري وما اكثرها
واخيراً نقول مع الشاعر:
هو الجوع والعلم بتلموا * في طفلآ مكابدهم)