الرئيسية » السياسة »  وضع مأساوي..  الجنينة محاصرة وأطباء السودان يحذرون

 وضع مأساوي..  الجنينة محاصرة وأطباء السودان يحذرون

صراع دارفور2

صحيفة اللحظة:
مع استمرار الاشتباكات للشهر الثاني على التوالي بين الجيش وقوات الدعم السريع، تدهورت الأوضاع بشكل كبير في إقليم دارفور، غرب السودان.
فقد حذرت نقابة أطباء السودان في بيان جديد، اليوم الأربعاء، من أن الوضع في مدينة الجنينة بدارفور بات “كارثيا والأسوأ على الإطلاق”.
كما أشارت إلى أن الاقتتال في الجنينة أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا. وقالت “سقط عدد كبير من الضحايا بينهم أطفال ونساء وكبار سن نتيجة الاقتتال في الجنينة”.
إلا أنها لفتت إلى أنه تعذر حصر الضحايا بشكل تام، حيث توقفت جميع مستشفيات المدينة عن العمل. وأكدت أن الجنينة باتت محاصرة مع انقطاع الاتصالات فيها

ومع بداية يونيو/حزيران الجاري، تفاقمت الأوضاع بصورة أكبر، وارتفع عدد القتلى حتى الاثنين إلى نحو 1200 قتيل، وتجاوز عدد المصابين ألفي مصاب، حسب تصريحات شاهد عيان وناشط مجتمعي للجزيرة نت.

والاثنين، قُتل 17 شخصا وأصيب آخرون إثر قصف حي الجمارك والمدارس جنوبي المدينة.

وقال شاهد عيان للجزيرة نت إن المدينة شهدت قبل 5 أيام هجوما هو الأعنف، سقط إثره عدد من القتلى، وما زالت جثثهم مُلقاة على قارعة الطريق، مُقرّا بصعوبة دفنها لانتشار القناصة على أسطح المنازل.

وهربا من القصف الذي طال أحياء جنوب المدينة (التضامن، والزهور، والثورة)، تكدس المدنيون في حي الجمارك والمدارس؛ مما تسبب في ظهور إصابات بسوء التغذية، وإسهالات مائية، خاصة مع خروج مستشفى الجنينة والمراكز الصحية عن الخدمة، كما نفدت المؤن الغذائية في ظل حصار المدينة وانقطاع خدمات الاتصال والإنترنت.

وحسب شهود عيان، فإن الأحياء شمالي المدينة تشهد عمليات نهب واسعة، مع استهداف وتصفية ناشطين مدنيين وسياسيين ومحامين.
إلى ذلك، أفادت النقابة بارتفاع عدد القتلى من المدنيين منذ بداية القتال في البلاد إلى 958 وإصابة 4746 مع استثناء قتلى الجنينة. وأوضحت أنه يوجد الكثير من الإصابات والوفيات غير مشمولة في هذا الحصر جراء عدم القدرة على الوصول للمستشفيات، بسبب صعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد.
ومنذ انطلاق الصراع بين القوتين العسكريتين في منتصف أبريل الماضي، تصاعدت المخاوف من تفجر الوضع في دارفور، لاسيما أن الإقليم شهد خلال السنوات الماضية، اشتباكات قبلية متقطعة.

رغم أن الأحداث بدأت كاشتباكات بين الجيش والدعم السريع، يقول ناشط مُهتم بالأحداث بمدينة الجنينة إن الصراع الذي تشهده المدينة حاليا بات ذا طابع قبلي بين قبيلة المساليت والقبائل العربية، وهو صراع قديم تتباين وتيرته وفق الأحداث، فشرارةٌ صغيرة تؤدي إلى تجدد الصراع التاريخي حول الوجود في الولاية.
ويزخر إقليم دافور الشاسع الذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.
فقد اندلع الصراع فيه عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيل، وأدت أعمال العنف لمقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين. ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فلا يزال التوتر مستمراً منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه.
وقد تصاعد العنف بالفعل خلال العامين المنصرمين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبياً، ليعود إلى الاشتعال ثانية إثر النزاع الذي اندلع بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل أسابيع.
وأجج هذا الاقتتال الذي تفجر بين الجانبين منتصف أبريل الماضي، المخاوف من أن ينزلق هذا الإقليم مجددا في أتون حرب أهلية وقبلية.

الناشط -الذي فضل حجب اسمه لدواع أمنية- قال للجزيرة نت إنه في 26 أبريل/نيسان الماضي كسرت مخازن رئاسة الشرطة ونهب السلاح، وتسلّحت قبيلة المساليت، ووقعت اشتباكات قبلية، ومع تداعيات الصراع في الخرطوم؛ انفجرت الأوضاع في الجنينة وأصبحت خارج السيطرة.

وأضاف أنه لا دور يذكر لحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي في تعزيز حماية المدنيين، حتى بعد عودته للإقليم، باستثناء نشر قوات مشتركة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وحسب معلومات الجزيرة نت، تم وقتها نهب نحو 7 آلاف قطعة سلاح، و25 عربة شرطة واستخدامها لعمليات عسكرية، وحرق أكثر من 90% من مراكز إيواء النازحين، كما لم تسلم من عمليات النهب المحلات التجارية والمؤسسات الصحية والمنظمات والمقرات الحكومية.

يذكر أن قوات الجيش تتواجد في حي “اردمتا” على بعد 5 كيلومترات شرقي مدينة الجنينة. كما كشفت حكومة إقليم دارفور عن ترتيبات اتخذتها على الأرض لتعزيز الأمن والسلامة الإنسانية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال مدير عام الرعاية الاجتماعية بوزارة الصحة في حكومة الإقليم عبد الباقي محمد إن الترتيبات تتضمن قوة لحماية المقرات والأسواق والقوافل التجارية والفرق الإنسانية، وترتيبات التعايش السلمي بين المواطنين.

وارتفعت أعداد النازحين المتواجدين في بعض المؤسسات والمدارس مع نفاد المخزون الغذائي والدوائي، حسب عبد الباقي محمد.

وأضاف محمد أن أوضاع النازحين الصحية تحتاج إلى تدخل عاجل لنقص أدوية الجراحة، وغسيل الكلى، بالإضافة إلى أكياس الدم.

وكشف المسؤول السوداني عن ارتفاع أعداد اللاجئين إلى تشاد، إذ بلغت أعدادهم وفق التقارير الأولية 90 ألف لاجئ، مشيرا إلى التنسيق بين الحكومة السودانية وحكومة تشاد لدخول المنظمات والمساعدات الإنسانية والصحية.

ولفت إلى أهمية دخول المنظمات الإنسانية بالعدد الذي يسد الفجوة في المناطق التي تواجه نقصا في القطاعات الصحية والمياه، والإغاثة والأمن الغذائي.

وأوضح أن الأدوية ستصل خلال هذا الأسبوع إلى ولاية شمال دارفور، ومنها إلى بقية الولايات في الإقليم.

وأشار إلى أن خروج وكالات الأمم المتحدة من الإقليم خلّف فجوة في الخدمات الأساسية، خاصة الخدمات الصحية، ومتطلبات الدعم النفسي والاجتماعي للنساء والأطفال وكبار السن.