صحيفة اللحظة:
أطلقت الشرطة السودانية بعد ظهر الأحد قنابل الغاز المسيل للدموع على آلاف المتظاهرين، بالقرب من القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، للمطالبة بحكم مدني في ذكرى ثورة 2018.
وبعد ثلاث سنوات على "الثورة" التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، هتف المتظاهرون الذين نزلوا إلى شوارع الخرطوم للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي "الشعب يريد إسقاط البرهان".
وتظاهر آلاف السودانيين في شوارع الخرطوم وبحري وأم درمان، للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي احتجاجاً على الاتفاق السياسي بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي، وعبد الله حمدوك رئيس الوزراء.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، أغلقت قوات الجيش والشرطة الجسور الرئيسية التي تربط وسط الخرطوم بمنطقتي أم درمان وبحري، لمنع المتظاهرين من الوصول الى مقر القيادة العامة للجيش.
ونقلت "فرانس برس" أن قوات من الجيش وضعت كتلاً إسمنتيىة في عدد من الجسور التي تربط وسط الخرطوم بأم درمان وبحرى. كما تمركزت بجانب الجسور سيارات بجانبها جنود مسلحون ووضع على بعضها مدافع رشاشة.
وأغلق الجيش كل الطرق المحيطة بمقر قيادته، في وسط الخرطوم، بسيارات مسلحة وأسلاك شائكة وحواجز إسمنتية. وأغلق شارع المطار أهم شوارع المدينة بسيارات عسكرية مسلحة.
وخلت شوارع وسط الخرطوم شبه من المارة والسيارات إلا من حركة قليلة وأقفلت المحلات التجارية أبوابها، وانتشر جنود من شرطة مكافحة الشغب في التقاطعات الرئيسية، وهم يحملون قاذفات القنابل المسيلة للدموع.
وفي جنوب الخرطوم رفع المتظاهرون لافتات تدعو إلى "حصار قصر" البرهان وهتفوا "الشعب أقوى أقوى والردة مستحيلة".
ودعت لجان المقاومة بالأحياء السكنية وتجمع المهنيين السودانيين ( تحالف نقابي ) وتحالف الحرية والتغيير، الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، الى تظاهرة في وسط الخرطوم تتجه نحو القصر الرئاسي للمطالبة بتنحي الجيش من السلطة وتسليمها الى المدنيين بمناسبة الذكرى الثالثة للثورة على البشير.
أما قوى الحرية والتغيير فدعت كل قطاعات الشعب للمشاركة في المظاهرات السلمية، وطرحت إعلاناً سياسياً يؤكد ضرورة إجراء إصلاحات سياسية شاملة خلال الفترة الانتقالية تنتهي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وعشية تظاهرات الأحد، حذر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، من "انزلاق البلاد نحو الهاوية"، وقال في بيان بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر 2018، إن "توقيعي على الاتفاق السياسي في نوفمبر لم يأتِ استجابةً لتقديرات ذاتية غير ناضجة أو تحت ضغط من أحد، إنما جاء عن قناعة تامة مني بأن هذا الاتفاق في حدِّه الأدنى سيؤدي إلى حقن دماء شبابنا وشاباتنا".
وأضاف أنه "سعى عبر هذا الاتفاق لوقف عمليات الاعتقال السياسي، وإطلاق سراح المعتقلين من القادة السياسيين ليضطلعوا بأدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية والتاريخية، في العمل مع بقية قوى الثورة والتغيير، لإكمال ما تعطل من مهام التحول الديمقراطي".
وأشار حمدوك إلى أن مما دفعه لتوقيع الاتفاق أيضاً "أنني قد رأيتُ فيه فرصة لحماية منجزات تحققت على مدى العامين الماضيين من عمر الثورة، وصون بلادنا من الانزلاق لعزلة دولية جديدة، إضافة لحقيقة أن الاتفاق في نظري هو أكثر الطرق فاعليةً، وأقلها تكلفةً للعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي وقطع الطريق أمام قوى الثورة المُضادة".
وكان السودانيون اختاروا يوم 19 ديسمبر 2018، للنزول إلى الشوارع ضد الرئيس السابق عمر البشير بعد أن ضاعف سعر الخبز ثلاث مرات، ما اضطر الجيش إلى عزله بعدها بأربعة أشهر. وحصل السودان في العام 1955 على استقلاله بعد أن كان يخضع لحكم ثنائي بريطاني مصري.
وفي 25 أكتوبر الماضي، أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية، إجراءات اعتقل بموجبها معظم الشركاء المدنيين في الحكم، ووضع حمدوك تحت الإقامة الجبرية، ليتم تكليف الأخير مجدداً بتشكيل حكومة جديدة، بعد التوقيع على ميثاق سياسي جديد، مما أدى إلى احتجاجات قوية سقط خلالها 45 ضحية، ومئات الجرحى.
وأعاد الجيش رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك ولكن من دون أعضاء حكومته. كما تعهد بإجراء انتخابات حرة في يوليو 2023، إلا أنه لم يتم بعد تشكيل حكومة جديدة بعد.
وشهد السودان مظاهرات في 6 و13 ديسمبر الجاري، امتداداً لسلسلة من المظاهرات الرافضة لإجراءات البرهان التي أعلنها نهاية أكتوبر الماضي. وأطلقت التجمعات المهنية، و"لجان المقاومة في الأحياء"، الدعوة إلى مظاهرات، رفضاً للاتفاق السياسي الذي كلّف بمقتضاه عبد الله حمدوك بتشكيل حكومة جديدة.
وكان الفريق البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، قال الأربعاء، إن الوثيقة التي تم توقيعها مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في 21 نوفمبر الماضي هي المخرج الوحيد للبلاد من التحديات الماثلة.
وأضاف خلال احتفال بأكاديمية نميري العسكرية، أنه "لا تراجع عما تم اتخاذه من إجراءات في 25 أكتوبر الماضي"، مشدداً أن القوات المسلحة مهمتها حماية البلاد ومقدراتها لاستكمال التحول الديمقراطي.
في المقابل يجد أنصار الحكم المدني الديمقراطي، الذين يتهمون حمدوك بـ"الخيانة" صعوبة في فرض أنفسهم على أرض الواقع. فقد كانوا منقسمين قبل الانقلاب ولايزالون حتى الآن غير قادرين على الاتفاق.