كثيرا ماكنت اقف وعن قناعة في صف سياسات وخطط وافعال حكومة نهر النيل بما في ذلك قرارها فتح المدارس الذي استنكرته في شكله العام ثم وقفت الى جانب خط حكومة نهر النيل اقتناعا بما أعلنته من التزامات تجاه كثير من القضايا ونحن في هذه الظروف ..
قناعاتي كانت ان تعليم أبناء الولاية وفتح الباب امام أبناء الوافدين بتلقي التعليم مع معالجة كل ما يعترض الوافدين من إشكالات جعلت البعض ينظر تجاهي كمن غادر المهنية واثر مناصرة حكومة على مواطنين ..
كانت تلك مواقفي النابعة عن قناعات وتصديق قاطع لكل ما قيل من التزامات ولكن…
بالأمس فجعت وانا ادخل مباني إذاعة عطبرة .. رأيت امرأة تجاوزت الأربعين منهكة القوى نرقد على سرير داخل موقع تم تخصيصه كمطعم والى جانبها تجلس بنتان لا تتجاوز اعمارهما العشرين..
لم يكن في المكان(وهو عبارة عن ظل حائط) غير سرير واحد وكانت البنتان تجلسان على أشياء ليست كراسي ولكنها قد تكون قطع اثاث قديم أو ما اشبه ذاك..
سالت عن سر وجود هؤلاء هنا فقال من سالت تم طردهن من مدرسة في شندي فوصلن عطبرة الليلة السابقة ولم يجدن ملجا إلا هذا المكان فقام احد الاخوة بتوفير هذا السرير..
لم اصدق حديث الرجل فقد ظننت انه حديث سمعه من اخرين وقد يكون غير صحيح فاتجهت صوب المراة والبنتين وسالت عن القصة..
تناولت الحديث احدى البنتين فقالت : كنا نقيم في مدرسة بشندي وقبل أسبوع أو اكثر طلب منا الخروج من المدرسة ..هنا قاطعتها متسائلا: وهل وفروا لكم البديل أو حدثوكم عن بديل؟
قالت البنت لا لم يوفروا لنا بديلا وبعد فترة جاء المعلمون وبدأوا يجلسون داخل المدرسة مع الاسر المقيمة ومن بعد ذلك اغلقوا الحمامات فكنا نذهب لقضاء الحاجة عند جيران المدرسة..
قالت البنت: أخيرا جاءنا المعلمون وفي معيتهم شرطي فطلبوا منا المغادرة ولم يكن بوسعنا المقاومة أو فعل أي شيء سوى المغادرة حيث وصلنا هنا..
سعينا لإيجاد مكان من بين الأماكن التي خصصتها ولاية نهر النيل للمعالجات وقد نجحنا بفضل الله حتى الان
سيدي والي نهر النيل مما قيل لنا وصدقناه ان الترحيل من المدارس لن يحدث قبل إيجاد البدائل والمعالجات ولهذا كنا دائما نرد بان الحال في نهر النيل مختلف وقد كتبنا هذا في عديد من المواقع وتحدثنا به الى صحف تصدر خارج البلاد تناولت موضوع فتح المدارس والاثار فكنت ممن دافعوا عن نهر النيل ..
كيف لمسؤول يمكن ان نسميه مسؤولا وهو يتخذ مثل هذا الاجراء تجاه هذه الحالة وربما اتخذه مع حالات اكثر حرجا من حال هؤلاء..
امرأة بلا زوج ولا ابن ومعها فتاتان صغيرتان يلقى بهن في الشارع ونحن جميعا نعلم في أي شارع نعيش؟
أي نخوة هذه واي سلوك هذا الذي لا يشبه اهل هذه الولاية الذين نثق أنهم سيضحون بالعام الدراسي كاملا وما تليه من أعوام ان كان في فتح المدارس ما يمس الاخلاق وكريم الفعال..
اخي والي نهر النيل قد تصدر القرارات والتوجيهات والتنبيهات ولكن قد تجد من بين بطانتك من يسعى للإساءة واستغلال المواقف ليشوه صورة زاهية ارتسمت خلال هذه الحرب وما حدث من تزوير لحقائق ما حدث في القضارف خير دليل..
كنا ننتظر ان تجري حكومة الولاية دراسات حول حالات المقيمين بالمدارس ومسحا اجتماعيا وإن تتعامل مع كل حالة وفقا لمخرجات المسح الاجتماعي الذي تظهر من خلاله حالة كل اسرة وما يجب ان تكون عليه المعادلة والمعالجة..
الان وحتى لا تتكرر المأساة وتقع فؤوس على الرؤوس ننتظر توجيها عاجلا بعدم اخلاء أي مواطن ساكن في أي مدرسة إلا بعد إيجاد البديل المناسب لخاله ووضعه من حيث حالته الصحية وحاجته للمشافي ومن حيث تكوين الأسرة وتوفير الأمان..
وكان الله في عون الجميع