الرئيسية » المقالات » بلا ضفاف [كمال علي]: ستون عاما بين المتعبين رحلة من الألم إلى علاج ألم الآخرين

بلا ضفاف [كمال علي]: ستون عاما بين المتعبين رحلة من الألم إلى علاج ألم الآخرين

كمال علي عمود بلا ضفاف2

بين يدي سفر مبارك مكتمل النضج المعرفي والانساني قضيت وقتا مفعما بمشاعر متناقضة… مفرحة احيانا ومحزنة أحايين أخرى لكن الفائدة المستقاة من الاطلاع والوقوف على رحلة ستين عاما من الألم والعطاء من أجل تخفيف عناء والآلام المتعبين وذوي الاحتياجات الذين يعانون الإعاقة والبحث عن سبل الشفاء والتعافي لأجل رفع الوجع وإزالة الرهق والعنت عنهم.
كنت أتابع رحلة الأستاذ العالم الجليل المحتشد بقيم الإنسانية و متوقد القريحة والارادة الأستاذ الدكتور ( محمد الطريقي) وانا لاهث الأنفاس اتأمل في ذاك الطموح وتلك القدرة على مجابهة الصعاب لرجل رفض منذ بواكير حياته الركون و الانحناءة للوجع وتسليم الراية والرضا بواقع الحال دون البحث عن ما يزيل الإصابة والوجع… فكان التحدي الذي يقهر المستحيل والمضي في الدروب الوعرة لأجل الخلاص مما ألم به وتغيير الحياة وتوجيه ضفتها نحو الأفضل مستصحبا الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره مؤكدا أن تغيير الواقع الي الأمثل هو سنة الحياة دون الركون إلى الواقع المفجع طالما أن هناك بارقة أمل تلوح على الأفق.
هذا السفر العجيب المحتشد بالقيم والدروس والعبر لما احتواه من دلالات ومضامين لهو جدير بالاطلاع والاقتناء لانه كنز ثمين ولأنه منجزه صاحب الرحلة الشاقة الملتهبه فوق صفيح ساخن رجل جدير بالاحترام و ترفع له القبعات ويشار اليه بالبنان والتقدير ومتابعة ما يصدر عن فكرة وماتجود به عبقريته الفذة من عمل صالح ينفع الناس ويبقى أثره على الأرض على مر العصور و يداوي أوجاع أصحاب احتياجات خاصة عصف الزمان بشي من عافيته.
صحا هذا الرجل وفي طفولته منغصات والم ورهق وعنت جراء داء أرهق صدره وأنفق رائع ايام الطفولة يسعل ويسعل ويسعل ويعاني ويكتم الألم فهو رجل حتى في طفولته وفيه عنفوان المحتد وقوة الشكيمة التي ورثها عن والده المكافح الذي تكحلت عيونه بمرواد الصبر.. َثابت الجنان يطوي الضلوع على محبة ذريته ويعمل جاهدا على تنشئتهم النشأة القويمة وكان للابن محمد نصيب من تلك التربية الفائقة الاهتمام وكان هو في الموعد دايما يرنو الي الشمس لا تقعده حرارتها الملتهبة في النفود التي تعج بالغبار الذي يتلف الصدر.
بدأ محمد رحلة شاقة طويلة وزاد سفره فيها الصبر والأمل وما توارث وتوافر من الصلابة والصمود والجرأة على اقتحام الصعاب وتطويع المستحيل وأنفق الرجل انضر ايام العمر الجميل دراسة واطلاعا وبحثا يحدوه أمل دراسة الطب بغية تخفيف الم الذين يعانون وذهب من أجل ذلك الهدف مذاهب شتى وهو هدف ضرب له أكباد الإبل وكاد يقتله في طلابه الشوق وذهب الي بريطانيا وبدأت العوائق فشاء حظه واللوائح ان يدرس الهندسة وفعل وتفوق ولم ينس رغبة الطب وعاود الكره ودرس (تقويم الأشياء) وهو مجال مستحدث في الطب سجل فيه الرجل نجاحات لا تحصى ولا تعد.
من الصعوبة ياسادتي ان نحصر سجل مسيرة الرجل الظافرة المتعددة الاتجاهات بكل وجعها وألمها واتراحها وأفراحها في هذه المساحة المتاحة لنا وقد حواها سفره القيم (ستون عاما بين المتعبين…. رحلتي من الألم الي علاج آلام الآخرين.) وأعظم ما فيها ان الرجل لم ينكفئ على نفسه والمه والبحث عن علاج خاص به وإنما استصحب معه أوجاع الآخرين من البشر وخاصة بنو جلدته من المسلمين فكانوا على البال والخاطر وهو يكد ويعاني ويجتهد من أجل توفير أفضل السبل لخلاصهم من الألم والوجع ورهق السنين.
نكرر ان هذا الكتاب الذي يحتوي على روشتات النجاح والقضاء على الألم جدير بالاقتناء والاطلاع والإشارة اليه في كافة المحافل والدور الأكاديمية لان فيه نفع البشرية وفيه الترياق ضد الإحباط والفشل وفيه مصابيح معالم الطريق إلى المستقبل المشرق الأفضل.
شكرا جزيلا استاذنا الدكتور (محمد الطريقي) الرجل المحتشد بالسمو والشموخ والإرادة ومجالدة المستحيل. َويبقي هذا السفر العظيم يزين جين المكتبات ويرفد طلاب المعرفة والباحثين بالفائدة المرجوة من عظيم ما احتوي.
بوركت ايها الرجل وبورك وبورك جهدك الذي ستجني الأجيال ثماره اليانعة و يتفيأ ظلاله كل متعب ومرهق.
ونعود باستعراض آخر للسفر ان مد الله في الايام.
وبالله التوفيق.