بعد رحلة حافلة بالبذل والعطاء السياسي بالداخل والخارج، ترجل الأمير عبد الرحمن عبدالله نقدالله وشيعته جماهير الأنصار والمخلصين والمحبين لشخصيته الفذة إلى مقابر أحمد شرفي ليرقد الى جوار الاباء والمناضلين من أبناء هذا الشعب الابى، رحل الأمير نقدالله في ليلة هى من أبرك الليالي وودع الفانية بعد أكثر من عشرين عاما امضاها طريح الفراش نتيجة لإصابته بجلطة كان السبب فيها العمل السياسي.
رفض الأمير نقدالله المشاركة فى نظام الانقاذ وخالف الإمام الراحل الصادق المهدى فى كثير من المواقف، الأمير نقدالله كان يجاهر بخلافاته مع الانقاذ او مع الحزب لم يقف فى المنطقة الوسطى ولم تكن مواقفه رمادية،ظل شجاعا في مواقفه السياسية وهذا خلق له العداء مع كثير من اهل الانقاذ.
فاذكر فى تابين جارتنا بالثورة الحارة الثانية اديبة خضر محمود شقيقة عابدين درمة حفار القبور وشقيقة الحكم درمة الأصل وقف الراحل الأمير نقدالله وهو خطيب لايشق له غبار متحدثا عن الانقاذ وتسلطها وجبروتها ولكن الحديث الذي ساقه الأمير اخاف أفراد أسرة خضر محمود الذين يعملون بمؤسسات الدولة وخشوا على أنفسهم فحاول أن يثنوه عن الحديث ولكن الخبثاء زينوا الموقف بخلاف ذلك وقيل بأن أسرة خضر محمود طردت الامير من المأتم ونشر الخبر في صحيفة الأنباء التى كان يرأس مجلس إدارتها الراحل يس عمر الإمام وهو من أرسل الخبر الى الصحيفة ويعد أيضا من ألد خصوم الامير نقدالله فدفع الخبر إلى الصحيفة ونشر بالصفحة الاولى.
ولما كنت جار للمتوفية واعمل بصحيفة الانباء انذاك اعتبرت واحدة من الصحفيات المناهضة للانقاذ وهي تسكن بالحي والقت التهمة على على الرغم من أنني لم أشهد رفع المأتم وكانت تقصد ذلك، ووصل الخبر إلى الأمير حاولت ان اصحح لك المعلومة ولكن كتم غيظة،الامير رغم شجاعته ولكنه انفعالي وليس من السهل أن تغير مواقفه.
وأذكر موقفا آخر في الديمقراطية الثالثة انعقد بمنزل الراحل الصادق المهدى بالقرب من الاذاعة لقاء بينه ومولانا الميرغني.. اللقاء بدأ منتصف النهار فتدافعت الصحف ووكالات الأنباء ولكن منع الصحفيين من دخول المنزل فظللنا بالشارع حتى المغرب بدون طعام أو ماء، ولكن الأمير نقدالله علم أن هناك مجموعة من الصحفيين بالخارج منذ منتصف النهار فأرسل مع أحد السعاة مجموعة من( كبابى) الماء البارد رفضناها ،وطلبنا منه ان يعيدها لمن ارسله بها،فخرج علينا الامير طالبا الصفح والاعتذار لما تم.
أن الأمير نقدالله سياسي من الطراز الاول مثله ومثله والده صاحب المواقف المشهوده ووزير الداخلية فى حكومة الصادق المهدى فى الديمقراطية الثانية،رحل الأمير نقد الله ولم يأخذ من حطام الدنيا شئ ظل بنفس المنزل الذي تركه والده وهو فاتح (الأربع وعشرين ساعة) ليس به باب يغلق بالليل أو بالنهار،ظل الأمير الراحل نقدالله محبوبا للجميع على مستوى الانصار او الكيانات الاخرى ،تشرد واتخذ من المملكة العربية السعودية مقرا لاقامته معارضا لنظام مايو وامتدت معارضته للإنقاذ حتى إصابته بالوعكة التي الزمته السرير طوال تلك الفترة.
لقد فقده الحزب والكيان وكل جموع الأنصار فهو الذى كان بامكانه ان يقود الحزب فى تلك الظروف العصيبة التى يمر بها الوطن ،ولكن إرادة المولى والسياسة القذرة أفقدت الحزب والوطن مناضلا جسورا مفوها وأديبا عرفته كل الساحات السياسية والاجتماعية ، الا رحمة الله رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصالحين.