هلّ علينا شهر رمضان الفضيل والناس يعانون من الضائقة الاقتصادية ولكن تسامح السودانيين جعل الفقراء والمساكين ينالون قوتهم من خلال الدعم الذي قدمه لهم إخوانهم دون ( منٍ أو أذى)، هي عادة يقوم بها أهل السودان في الشهر الفضيل بتقديم العون للمحتاجين والفقراء، لقد شهدنا السلال الغذائية قد وصلت للآلاف من المواطنين بالمركز والولايات ولا أحد يعلم من أين أتت تلك السلال ولكنها فعل خير يقوم به الآخرون تجاه إخوانهم.
إن شهر رمضان شهر الخير والكرم وما أن هلّ استقر التيار الكهربائي بعد أن وصلت قطوعات الكهرباء في اليوم لأكثر من اثنتي عشرة ساعة، وها هي المخابز يتوفر فيها الخبز بعد أن كان الجميع يلهث من صلاة الصبح للحصول على عدد مقدر منه، لقد توفر الخبز حتى أصبح الآن أكلًا للطيور.
إن شهر رمضان من أعظم الشهور، ففيه الرحمة والمغفرة والعتق من النار من المولى عز وجل وفيه التكاتف والتعاضد والتراحم من قبل الأهل والأصحاب، وأتى الشهر الفضيل والكل يساعد بعضه البعض، لذا يجب علينا ونحن في هذا الشهر الكريم أن نمتد الأيادي السودانية إلى بعضنا متناسين خلافاتنا وصراعاتنا الدنيوية من أجل وطن يسع الجميع، نحن في أمس الحاجة إلى بعضنا البعض حتى نتمكن من بناء الوطن الجريح. الكل يشهد الآن كيف هزت العالم الجائحة (كورونا) وقضت على الإنسان قبل الحيوان أو الزرع، لذا يجب على أبناء الوطن المتخاصمين والمتناحرين وهما أبناء التيار الإسلامي والشيوعي، يجب عليهم أن يتناسوا خصوماتهم وجراحاتهم من أجل هذا الوطن وأن يكون شهر رمضان شهرًا للتصالح والتصافي وأن نعمل جميعا من أجل الفقراء والبسطاء من أبناء هذا الشعب الذين تضرروا من خلافات التيارين (الإسلامي والشيوعي)، الصراعات بينهم انعكست سلبًا على كل الوطن وتأخرنا عن ركب الأمم بسبب هذه الخلافات الأيدلوجية.
إن كثيرًا من شعوب العالم تناست صراعاتها وخلافاتها وعمل الجميع من أجل الوطن والأمثلة أمامنا ماثلة، جنوب أفريقيا التي ناضل من أجلها الزعيم نلسون منديلا وظل حبيسًا بالسجن ما يقارب الخمسة وعشرين عامًا محاربًا البيض وفي النهاية خرج من السجن وعمل على وحدة بلاده، ها هي جنوب أفريقيا الآن من الدول المتقدمة في كل شئ. أما رواندا التي عاشت سنوات من الرعب والموت بين قبيلتب (الهوتو والتوتسي) وراح ضحية تلك الخلافات ملايين من الجانبين، لكن في النهاية تناسوا تلك الخلافات والصراعات وتوحدت الدولة وهي الآن تعد من أفضل الدول الإفريقية من حيث النهضة والبناء والإعمار.
السودان ليس أقل من تلك الدول من حيث التسامي والتسامح، شهر رمضان الذي جعل أبناء الوطن في تراحم وتعاضد يجب أن ينعكس هذا على الساسة من أبنائه، لم يبق من العمر الكثير حتى يظل هؤلاء في التناحر فيما بينهم والمتضرر المواطن، هم في بحبوحة من العيش إن كان على مستوى الإسلاميبن أو الشيوعيين والوطن يسع الجميع.
نأمل قبل أن ينقضي الشهر الفضيل تتوحد الجهود ويتناسى الجميع تلك الخلافات، كما توفرت الكهرباء والخبز والسلع الاستهلاكية لابد أن تتوفر الإرادة والعزيمة حتى نبني هذا الوطن ولتنعم به الأجيال المقبلة، مهما أمد الله في أعمار هؤلاء لن يظلوا أبد الدهر فيه مصيرهم الرحيل، لذا لابد من ترك سيرة عطرة وتسامح من أجل نهضة وبناء تلك الامة.
هل تمتد الأيادي من أجل السودان الواحد؟ نأمل ذلك.