يهل علينا اليوم شهر رمضان الكريم الذي استعد له كل المواطنين بمشارق الأرض ومغاربها، شهر رمضان شهر للعبادة وابتغاء الآخرة ولكن هناك من يجعلونه ابتغاء الدنيا، فالناظر إلى كثير من الدول العربية والإسلامية مثل المملكة العربية السعودية، الإمارات، البحرين، قطر ومصر وكثير من الدول نجدها قد كتبت على محلاتها التجارية ( بالبنط العريض) تخفيضات أو أكازيون، أي أنها ترغب المواطنين بالشراء من خلال تلك التخفيضات الهائلة التي تصل أحياناً إلى أكثر من ٥٠٪ وهؤلاء يحاولون جذب المواطنين ولتخفيف المعاناة عن الأسر الفقيرة ابتغاء مرضاة الله.
إذا نظرنا إلى السودان نجد معظم التجار قد استعدوا للزيادات المهولة متخذين من شهر رمضان شهر ( للغني) أو باعتباره موسماً لتحقيق أكبر قدر من الربح، علما أن هناك من يريدون الربح من أجل الآخرة، لكن تجارنا يريدون الدنيا أكثر من الآخرة، لذلك امتصوا دماء الشعب في هذا الشهر، نلاحظ قبل دخول الشهر بأيام تتجه معظم الأسر من أجل شراء احتياجاتها ولكن تتفاجأ بأن معظم السلع تضاعف سعرها عشرات المرات مما جعل الكل يشكو من تلك الزيادات، فلو دخل المواطن البسيط سوق التوابل لشراء احتياجاته من كركدي، بهارات، ثوم، بصل، عدس، أرز، ملح وكمون وغيرها. مما تستخدم في الطعام تجد السعر في كل صنف تضاعف بصورة تجعل المشتري يضرب (كفاً بكف) قائلا قبل أيام ما كان السعر كذا فلماذا تضاعف السعر؟ فلا إجابة مقنعة من قبل التجار حتى المواد التي تريد سحنها من البهارات يطالبك العامل بمبلغ أكثر مما كنت ( تسحن) به قبل رمضان، علما بأن كل المواد التي يحتاجها المواطن في الشهر الكريم من إنتاج الأرض السودانية، فما الذي يجعل أسعار ( الفول، الكبكبي، العدسية، القنقليز، القضيم والكركدي) يصبح سعرها بهذا الرقم الخرافي.
إن شهر رمضان رغم جشع التجار لكنه يأتي بخيره على الجميع، نلاحظ رغم فقر المواطنين ولكن المساعدات مستمرة بين الأهل والأصحاب والأصدقاء، بل حتى هؤلاء تجدهم رغم فقرهم يخرجون إلى الشوارع والساحات ليتناولوا طعامهم مع بعضهم البعض ورمضان (بجي بخيره) كما يقول أهلنا (خيره وفير) ولكن التجار سيصرفون تلك الأموال في المستشفيات والعلاج لانهم لم يعملوا من أجل سعادة المواطنين، ففي المملكة العربية السعودية نجد كميات كبيرة من الطعام تدخل إلى الحرم لأفطار الصائمين لاتدري من أين أتت ومن الذي أتى بها،؟ كميات مهولة من البلح، الفاكهة، الزبادي والمياه مستمرة بتلك الصورة كل شهر رمضان، منهم من يتبرع بها من أجل والديه ومنهم من أجل ابتغاء الآخرة.
نأمل أن يراجع تجار السودان أنفسهم خلال هذا الشهر الكريم، وألا يضيقوا على المواطنين بتلك الأسعار الخرافية.