يعد شارع كرري واحدًا من أعرق الشوارع الأم درمانية وأطلق عليه هذا الاسم لعظمة المعركة الشهيرة معركة كرري التي خلدت أعظم الرجال الذين خاضوها وفدوا أم درمان بمهجهم وأرواحهم.
إن شارع كرري الممتد من منطقة المسالمة إلى داخل سوق أم درمان يعد من أشهر أسماء الشوارع كشارع الدومة وودالبصير وبجواره أشهر محل تجاري قد تجاوز عمره الثمانين أو أكثر من الأعوام وهو محلات العدني وفي تلك المنطقة أي منطقة العدني وشرقها تتدفق مياه آسنة لها ما يقارب الأربعة أشهر تقريبا مما أفسد الحياة على أصحاب المحلات التجارية، بجانب عجز المركبات القادمة إلى منطقة السوق سواء سيارات للمواصلات العامة أو السيارات الخاصة لأصحاب المحلات التجارية، لقد ظلت تلك المياه تتدفق بين الفينة والأخرى ولكن محلية أم درمان لايهمها معالجة الظواهر السالبة بقدرما يهمها كيف تجمع المال من أصحاب المحلات التجارية دون أن تقدم لهم خدمة توازي المال الذي يدفعونه، لقد فرضت المحلية على كل أصحاب المحال التجارية بالسوق مبلغا قدر بأكثر من ألف جنيه نظير جمع نفايات، علما بأن سوق أم درمان يعد من أوسخ الأسواق بمنطقة أم درمان لا ندري نظير ماذا هذا المبلغ الكبير ؟
لقد قامت المحلية باستئجار الأرض لصغار الباعة مما جعل الحركة داخل السوق عصية على الرجال والنساء حتى الباعة أنفسهم.
ألم أقل لكم إن المحلية همها المال لتصرفه حوافز للموظفين أول الشهر أو في منتصفه.
إن محلية أم درمان ليست لها أية خطة لتطوير السوق أو وقف معاناة العاملين فيه، فإذا هل علينا شهر رمضان أو العيد نجدها قد دفعت بعمالها لفرض الضرائب الباهظة عليهم، مما يجعل السوق مليئاً بأعداد مهولة من الباعة الجائلين وصغار التجار، لذا سوق أم درمان ورغم تاريخه العريق، لكن حتى الآن لم يأت معتمدًا او مسؤولًا لتنظيمه بالصورة التي تحفظ له تاريخه الناصع، فسوق أم درمان قبلة للسياح من كل بلاد العالم لما له من مكانة عظيمة عندهم، ولكن للأسف ظل السوق وفي كل الحكومات المدنية والعسكرية كما هو.. فالأسواق التاريخية التي يحاول السياح ارتيادها أو معرفتها أزيلت ولم تبق منها إلا الأنقاض وحتى كبار التجار ضاعت ذكرياتهم، ذكريات الصبا والشباب التي عاشوها أصبحت من الماضي، وحتى الأجيال الجديدة لم تعرف محل اسمه خيرات أو ميامي أو مطعم السطح، أو برعي المصري أو سوق القش، أو سوق النسوان، أو سوق العناقريب، أو سوق الخيش، أو حتى ( النقادة ) الذين تغنى كابلي بالفراد – أي الثوب – الذي أتى به (النقادة) لا أحد يعلم أين محلهم اليوم أو أين كانت محلاتهم؟
إن سوق أم درمان محتاج إلى مسؤول ذي همة يعيد له مجده وتاريخه ويعمل على تنظيمه بالصورة التي تليق به وبمكانته وبمكانة تجاره، فسوق أم درمان لايقل عن سوق باب شريف بالمملكة العربية السعودية، من حيث التراث والتاريخ ولكن باب شريف عملت السلطات السعودية على تنظيمه حتى يتمكن المعتمر أو الحاج أو حتى الذي جاء إلى العمل من شراء احتياجاته بكل سهولة ويسر.
إن شارع كرري الذي يغرق اليوم بتلك المياه القذرة يجب أن يمر المسؤول من المحلية لإيجاد العلاج الناجع لها بدلا من هذا الصمت، ففي تلك المنطقة التي تتدفق منها المياه توجد شرطة المحلية وبالتأكيد القادة الكبار من رجال الشرطة يمرون بها ليل نهار، ألم تحدثهم أنفسهم بالتبليغ إلى الجهات العليا إذا صعب عليهم الحل؟ ألم يروا تلك الحالة السيئة وهم يمرون ليل نهار على قسم الشرطة، للأسف كل المسؤولين لا يتحركون من تلقاء أنفسهم لمعالجة الأخطاء إلا إذا تدخل مسؤول أكبر.
والي ولاية الخرطوم أيمن نمر يعد من أبناء أم درمان إذا لم ير بأم عينيه شارع كرري وما به من خراب بالتأكيد هناك من يطلعه بالذي يجري فيه من نفايات وقاذورات تحتاج إلى المعالجة الفورية، فهل يستجيب السيد الوالي للالتفات إلى ولايته ومعالجة ماعلق بها من نفايات وكسورات مياه وهل المدير التنفيذى لمحلية أم درمان حدث نفسه يوما بالخروج من مكتبه لمتابعة مايجرى بمنطقتها من أسواق وأحياء ومجاري وخدمات؟ هل تمكن من علاج مشكلة واحدة منذ أن تم تعيينه أم منتظر آتاوات صغار الباعة الذين يفترشون الأرض وما فرض عليهم من أموال حتى أصبح السوق منطقة يهرب منها المواطنون بدلا من جذبهم.