الرئيسية » المقالات » ولنا رأي [صلاح حبيب]: رمضان في القاهرة ودول أخرى!!

ولنا رأي [صلاح حبيب]: رمضان في القاهرة ودول أخرى!!

صلاح حبيب

تعد جمهورية مصر العربية من أحب البلاد إلى الكثيرين من الطلاب السودانيين، ففيها عاشوا أنضر وأحلى أيام صباهم، مصر لا تختلف عن السودان كثيرا من حيث العادات والتقاليد والسوداني أو أي أجنبي آخر يعيش فيها وكأنه في بلده، لاتفرقة عنصرية ولا حقد على الأجنبي كما هو في كثير من بلدان العالم التي تعامل الأجنبي بلونه وكثير من الصفات الذميمة. 

نحن في شهر رمضان شهر الخير والبركة نتذكر أيامًا خلت من حياتنا ونحن طلاب في ريعان الشباب بأم الدنيا وبجامعاتها المختلفة، هنا نتذكر كيف يمر رمضان علينا، الجو دائما في مصر يميل إلى البرودة حتى ولو في الصيف، لذلك الجميع حينما يهل الشهر تبدأ الطقوس الرمضانية والتجهيز له من الفطائر والوجبات المختلفة وهذه في الريف أكثر منها في المدن، لكن حياة المدينة في هذا الشهر النوم نهارا والعبادة والسهر ليلا، وقتها كنت أسكن المدينة الجامعية التي صمت فيها سنة أو سنتين لا أتذكر  ونحن طلاب بجامعة الأزهر الشريف وقد خصصت إدارة الجامعة سكنًا للطلاب الوافدين سُمى بمدينة البعوث الإسلامية أي للمبتعثين من الطلاب الأجانب بمنطقة العباسية، كانت المدينة عبارة عن دولة مصغرة تتكون من ثلاث وثلاثين عمارة في كل عمارة ثلاثة طوابق وفي كل طابق عشرون غرفة، كل طالب له غرفة منفصلة يمارس فيها حياته من صناعة الأكل والشراب والنوم واستذكار الدروس. 

في العام الذي صمنا فيه كنا مجموعة من السودانيين الذين آثروا الصوم داخل المدينة، كان من بين الإخوة الزملاء ونحن في العمارة ٢٥/د/٤ الأخ كمال محمد عثمان، عبدالباقى كمير، جلال وإبراهيم أبو حسبو، بالإضافة إلى الأخوين من اليمن عبده علي مريش ومن كابول محمد أنس زريني، كنا نرتب الأكل بالطريقة السودانية، بجانب بعض الطعام اليمني أو الأفغاني، لم نحس بالصيام نهارا لأن الكل في حالة نوم وما أن تتبقى للإفطار دقائق نقوم بتجهيز الوجبة. أما في المساء فالكل خارج المدينة يستمتع بأجواء رمضان الروحانية بالحسين وبقهاويها ( الغبشاوي وخان الخليلي) وغيرهما من القهاوي التي يرتادها الأجانب والمصريون. 

إن رمضان في القاهرة له لون وطعم ومذاق خاص الكل في الحدائق العامة، الأسر تأتي حاملة بما لديها من طعام، شراب، قهوة، شاي وعصائر والأطفال يلعبون هنا وهناك داخل تلك الحدائق الواسعة خاصة بشوارع المهندسين أو روكسي، اما الحارات الشعبية، رمضان له نكهة تانية أو غيرها من المناطق التي تتحلى وتكتسي بالخضرة وجمال المنظر يظل المواطنون فيها حتى أذان الصبح ومن ثم يتفرقوا ليجتمعوا في مساء اليوم الثاني. 

شهر رمضان في مصر له نكهة خاصة وهذه يشعر بها كل من صام عامًا أو أكثر بالنسبة للإخوة الطلاب، هناك بعض الأسر من السودانيين أو غيرهم كانوا يحرصون على قضاء كل شهر رمضان بها، وقد من الله عليّ بأن أصوم بالمملكة العربية السعودية مرة في العام ١٩٨١ حينما رتب اتحاد الطلاب آنذاك عمرة للطلاب السودانيين، كنت ضمن الثلاثين طالبا الذين وقعت لهم القرعة لأداء العمرة، تم الترتيب لها بدقة وبعد أدائها وزيارة قبر رسول الله وانتهاء ما هو مسموح به مع الاتحاد توجه كل  طالب إلى معارفه بالمملكة، وكنت محظوظا إذ ذهبت إلى ابن أختي علاء الدين خليل الذي كان يعمل موظفًا بالخطوط الجوية السعودية، أمضيت معه ما يقارب الثلاثة أسابيع وأديت معه عمرة ٢٧ رمضان، أحسن إكرامي أيما احسان وزودني بالعديد من الملابس خلال تلك الفترة. 

الصيام في المملكة يختلف أيضًا عن القاهرة، معظم الناس تنام النهار وتصحو وقد تبقت للإفطار سويعات، أما بالليل الكل يذهب لأداء صلاة التراويح إما بالحرم المكي أو المدني، هناك كثير من المواطنين يمضون أوقاتهم داخل الحرمين. 

الحياة في السعودية تختلف عن القاهرة المليئة بالصخب والضوضاء، تحس بالحياة فيها من حيث العبادة واللهو البرئ ولكن رمضان في كلا الدولتين له طعم ومذاق خاص وتكرر صيامي في المملكة التي أمضيت بها مايقارب الأربع أو الخمس سنوات منذ العام ١٩٩١وحتى العام ١٩٩٥ أمضيتها مع نسيبنا العبيد محمد حامد الموظف بهيئة الإغاثة العالمية وابنة عمي نوال عمر، كانت أيامًا لها وقع خاص في نفسي وكل رمضان وأنتم بألف خير.