الرئيسية » المقالات » ولنا رأي [صلاح حبيب]: الذكرى ال٥١ لمجزرتي ودنوباوي والجزيرة أبا!!

ولنا رأي [صلاح حبيب]: الذكرى ال٥١ لمجزرتي ودنوباوي والجزيرة أبا!!

صلاح حبيب

مرت قبل أيام الذكرى ال ٥١ لمجزرتي ودنوباوي والجزيرة أبا ١٩٧٠ والتي كانت عبارة عن إبادة جماعية لأهلنا الأنصار، لقد حاول نظام مايو أن يقضي على حاجة اسمها الرجعية أو الطائفية حسب فهمه، ولكن للأسف لم يستطع رغم الإبادة التي حدثت للأبرياء في الجزيرة أبا حينما نقض النظام المايوي الاتفاق مع قيادات الأنصار إبان زيارته لهم. 

لقد رفض الإمام الهادي الحكم المايوي منذ بدايته نظرًا للشعارات الحمراء التي رفعها وطالب الإمام بتطليق الشريعة الإسلامية ولكن النظام المايوي وفي قمة عنفوانه اعتبر ماطالب به الأنصار تحدٍ بالنسبة لهم ولابد من تأديبهم حتى تستقر دولتهم، فاستخدم الآلة الحربية التي لا تستخدم إلا في حالة الأعداء ولكن ضرب بها العزل من أبناء الأنصار بالجزيرة، فقتل الآلاف منهم كما تقتل الحيوانات ولكن أبناء الأنصار بالجزيرة أبا كانوا صامدين واستبسلوا بشجاعة ولم يكتف النظام المايوي بقتل الأنصار في الجزيرة أبا، بل شنت هجوما آخر في نفس الوقت ضد الأبرياء والعزل بمسجد الإمام عبد الرحمن المهدي أو المسجد الرابع، كما وصف، لقد هجمت القوات على الأنصار وهم يغطون في نومهم بالمدافع الثقيلة لتحصدهم وتمزق أجسادهم الطاهرة دون ذنب ارتكبوه. 

لقد تحصن الأنصار بآيات الله التامات وبالقرآن ولم يحملوا إلا الباقيات الصالحات ولكن العسكر أمطروهم بالرصاص من كل جهة وحتى الذين تحصنوا بالآيات القرآنية ولم يخترق الرصاص أجسادهم استخدموا وسيلة أخرى لقتلهم كاستخدامهم قاذفات اللهب التي حرقتهم شر حريق، ولو كان هناك إعلام صادق ووكالات أنباء وفضائيات لصورت تلك المشاهد لتكون دليلًا وشاهدًا على تلك الطريقة الانتقامية التي استخدمها نظام مايو ضد الأبرياء من الأنصار نعد شهود عيان على تلك المجزرة رغم وقتها كنا صغار السن ونسكن بالقرب من المنطقة التي جرت فيها تلك المعركة وكانت قطع الرصاص مشتتة بالمنازل أشبه بنواة التمر، لم يكتف العسكر وقتها بما هو داخل حرم المسجد، بل أرادوا اصطياد كل شخص له صلة بالأنصار أو كل من يجوب الطريق في تلك اللحظات، فمات العديد من الأبرياء العزل وهم يسيرون بالطريق.

 ولا أنسى أنا وأخي خرجنا نبحث عن الوالد الذي خرج من المنزل قبل الضربة بثوانٍ خرجنا ولم ندر أن المجاري اتخذها العسكر مكانًا لصيد الأبرياء من الأنصار، لقد اقتربنا من الخور الذي يطلق عليه خور النعيم ونحن في تلك السن الصغيرة  وفجاة ظهر لنا عدد ممن يحملون البنادق وهم مختبئون داخل الخور وصوبوها نحونا، فانطلقنا بسرعة البرق واختفينا بأحد الأزقة ومنها انطلقنا إلى المنزل، من حسن حظ الوالد الذي خرج  من البيت في طريقه إلى مقر عمله بسوق أم درمان وجده أحد الأصدقاء فمنعه من مواصلة السير فأدخله بيته خشية أن تصيبه رصاصة العسكر وبالفعل استقر معه حتى انجلت المعركة في مساء ذاك اليوم من العام ١٩٧٠م. 

أن النظام المايوي حاول القضاء على الأنصار رغم أن الرئيس الراحل نميري يعد من أبناء الأنصار ويسكن في نفس الحي الذي دارت فيه المعركة بمسجد الإمام عبد الرحمن المهدي بودنوباوي، من المشاهد التي تروى كان من بين العسكر واحدًا من أبناء الأنصار وأثناء الضرب وجد والده ضمن الذين قتلوا فصعد ( المأذنة) وحمل سلاحه وبدأ في ضرب العسكر فحصد منهم الكثيرين حتى نفدت ذخيرته، فالقى القبض عليه. 

إن مجزرة ودنوباوي كانت معركة غير متكافئة، راح ضحيتها أبرياء ورغمًا عن ذلك لم يتقدم الأنصار بطلب إلى حقوق الإنسان ولا إلى المجتمع الدولي ولم يحاولوا الانتقام من الرئيس نميري، ولا من أبو لقاسم محمد إبراهيم ولا أبو الدهب القائد الذي بدأ المفاوضات مع قيادات الأنصار بالجزيرة أبا وأخيرًا خان العهد وجاء بالآلة الحربية التي حصدت الأبرياء، فعفى الأنصار عن الدماء والأرواح التي راحت بدون ذنب.