
تشهد ولاية الخرطوم حالة من الانفلات الأمني على الرغم من الجهود التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ولكن ظاهرة الانفلات لم تكن بسبب الجوع أو الفقر ولكنها حالة من بعض اللصوص الذين لم يجدوا رادعاً قوياً يعيدهم إلى صوابهم.
إن حادثة اغتيال طالب الجامعة الإسلامية واحدة من حالات الانفلات التي تستهدف سرقة الموبايلات من صغار الطلاب، فالحالة التي وقعت بالجامعة الإسلامية كانت تستهدف الطلاب وسرقة موبايلاتهم ولكن ماذا فعلت السلطات المختصة لإيقاف مثل تلك الجرائم لقد توصلت للجناة في أقل من ٤٨ ساعة ويحسب لها هذا النجاح والتوصل السريع للجناة، إلا أن القضاء لم يصدر أحكامه الفورية، علما بأن كل أركان الجريمة واضحة والجناة اعترفوا بجريمتهم ولاندري لماذا البطء في إنزال العقوبة على الجناة؟ لذا عدم تطبيق القانون بالسرعة المطلوبة يشجع آخرين على ارتكاب مثل تلك الجرائم.
إن ولاية الخرطوم أصبحت أشبه بالغابة لا رقيب ولا حسيب، كل شخص ظل يحمل سكيناً أو ساطوراَ في يده يحاول أن ينهب المارة بالقوة وكل من لم يستجب لطلب أولئك اللصوص لابد أن ينتظر سكيناً تغرز في صدره، ففي الأيام الماضية لم يسلم ابن مغترب جاء للدراسة بإحدى الجامعات السودانية ولكن ماذا كان مصيره؟ لقد قطعت أذنه تماماً والسبب أن المتفلتين أو اللصوص أو النهابين حاولوا سرقة موبايله بالقوة وهو في حالة سمر مع زملائه بشارع النيل تعدوا عليه بالسلاح الأبيض ولكنه قاومهم فما كان من أولئك اللصوص إلا ان قطعوا أذنه تماماَ.
إن الانفلات الأمني أصبح من الظواهر التي تقلق المواطنين بالولاية، فالأجهزة الأمنية إذا لم تقم بإنزال العقوبات الرادعة عليهم، كل مواطن سيعمل على حماية نفسه وهذا يعني كل مواطن بولاية الخرطوم سيحمل سكيناً أو ساطوراً وهو في طريقه إلى عمله أو لشراء احتياجاته، فظاهرة الانفلات الأمني لابد أن تواجهها عقوبات رادعة حتى ينعم إنسان الولاية بالأمن والاستقرار، فالظواهر التي نشاهدها الآن لم تكن موجودة من قبل، لابد أن تتحرى الأجهزة الامنية عن تلك الأسباب والدوافع، الآن مشاهد في معظم الأسواق كل شخص يحمل مدية في جيبه أو خلف بنطاله يستخدمها في أي لحظة ضد الطرف الثاني.
إن العواصم ليست كالقرى أو الأرياف، فالعصي والحراب والسكاكين والسواطير لاتشبه حياة المدينة، لذا لابد من سن قانون يمنع حمل الأسلحة البيضاء وحتى العصي لابد من شملها بقانون رادع حتى نضمن الولاية خالية من تلك الظواهر الدخيلة على المجتمع، الآن الجريمة متطورة والسلاح الأبيض أو الناري بأيدي المواطنين، والحرب التي اندلعت بولايات السودان المختلفة أظهرت لنا تلك الظواهر السالبة، فالسلام يفترض أن يهذب الناس، لكن للأسف كل الذي نراه الآن من انفلات أمني نتاج العائدين من الحرب، فالأجهزة الأمنية معنية بضبط حالات الانفلات التي ظهرت بصورة مقلقة بولاية الخرطوم، لان الخرطوم ولاية للجميع ولم تكن مفصلة لجهة ما، لذا من يريد أن يعيش فيها عليه وفقاً لمواصفات المدن التي يحترم المواطن فيها القانون وإلا فكل مواطن سيحمل سلاحاً لحماية نفسه إذا عجزت السلطات المختصة عن توفير الأمن للمواطنين.