الرئيسية » المقالات » وطن النجوم[علي سلطان] ويكا أنه

وطن النجوم[علي سلطان] ويكا أنه

سلطان


أتوقف   في سورة القصص عند خبر (قارون) أغنى اغنياء العهد الفرعوني، ومصر في أزهر وأنضر أيامها رخاء وأموالا وثروات وعزا وجاها. وكأني أتأمل مشهد الناس من حول (قارون)  في كل مكان في قصره الواسع  او على طرقات مسلك خيله وعرباته المطعمة بالذهب والفضة،  حيث يتحرك  موكبه في  كل الابهة والصولجان.
وما زلت ارسم تلك الصورة في خيالي لقارون في ثيابه الموشاة بالذهب والفضة وهو يمشي في خيلاء وتجبر وتكبر  بين بني قومه، وقد حيزت له الدنيا بأموالها وثرواتها وخيراتها.. وهم يحسدونه على تلك النعم ويقدمون له فروض الولاء والطاعة وينتظرون منه نظرة عطف أو بسمة رضاء.. كانت المدينة ضاجه مبتهجة تتدفق منها النعم والخيرات وسادتها الأغنياء يتطاولون في البنيان و في مظاهر الحضارة والرقي من حدائق غناءه بهيجة ومياه عذبة  وطيور تسرح وتمرح في الأجواء وتصدح بالغناء  ونوافير وشلالات و  حرير  ورخام وفسيفساء ومغنيات وجاريات  ومعازف ومغانٍ و ليالي باذخات مترفات.. أجواء كأنها الاحلام والاساطير.. والناس من حولهم يسمعون و يحلمون وينظرون ثم يقدمون فروض الطاعة والولاء لساداتهم وأغنياهم.. الكل يتمنى أن يكون قريبا من قارون أو أن يكون تحت موضع عينيه او يكون مثله  ذا ثراء عريض.. وحاشية وخدم وحشم..
(إن قارون كان   من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة.. اذا قال له قومه لاتفرح إن الله لايحب الفرحين) الآية 76 سورة القصص الجزءال20.. ولكن قارون كان قد سلك في التكبر مسلكا بعيدا فقال  لقد أوتيته  على علم عندي.. وقيل إن كان يشتغل بالكيمياء ويعرف اسرارها..
( وخرج على قومه في زينته، قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل مآ أُوتي قارون  إنه لذو حظ عظيم) الآية  79  القصص الجزء20
 (فخسفنا  به وبداره الارض فما كان له من فئة ينصرونه  من دون الله وما كان من المنتصرين) الاية 81 سورة القصص..( واصبح الذين تمنوا مكانه بالامس يقولون ويكأن  الله يبسط الرزق  لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون)82  سورة القصص.
 يظن الناس  على مر القرون والعصور ان المال والثروات هي  سر السعادة والحياة البهيجة هي المبتغى ،، وكثيرون يسيل لعابهم  ويحلمون ان يتمرغوا في نعيم الجاه  والمال وما يجلبه من  مفاتن الحياة وملذاتها،، ولكن تبدو تلك نظرة قصيرة  عند الكثيرين حين ينسون رب الاغنياء والاثرياء ورب الدنيا باجمعها الذي يهب الغني والجاه والملك والسلطة.. ذلك امتحان عسير يفشل فيه كثير من الناس الاشقياء الذين تدنو لهم الدنيا بكل ما فيها من ملذات ومغريات  واوهام.. فيحسب ان الدنيا قد حيزت له وكل ذلك محض سراب.. (وقال الذين اتوا العلم ويلكم  ثواب الله خير لمن أمن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون)الاية 80
 تلك هي الدنيا بحلوها ومرها وبؤسها ولكن بصدقها ونقائها وسلامة النوايا تطيب وتحلو وتكون هانئة  عزيزة  سهلة  لينة.. لا نريد علوا في الأرض ولكن نريد جنة عرضها السموات والأرض بفقرنا وعوزنا.. ولكن محبتنا لله ورسوله هي  اللواء الذي يقودنا الى الصراط المستقيم.. والى جنة عرضها السموات والأرض.. اعدت للمتقين.