ما أجمل الشتاء حين تشعر فيه بالدفء.. وما أجمل الشتاء حين تكون لك غرفة دافئة تأوي اليها بحثا عن الدفء ،، وبطانية وملابس ثقيلة .. وماء دافئاً.. وما أقسى الشتاء حين لا تجد غطاء ولا ماء ساخنا ولا كسوة شتاء..!
الحمد لله أن الشتاء يأتي في بلادنا عابرا لا يمكث طويلا.. صحيح أنه يكون قاسيا ولكن لا يبقى لشهور طويلة.. بل لأيام معدودات.. ولكنه يكون جافا وجالبا لأمراض الشتاء المعهودة ويكون ثقيلا على الأطفال والصغار.. وباعثا على القلق للآباء والأمهات..
في أيامنا كان الشتاء يأتي مبكرا منذ بدايات أكتوبر ويستمر حتى مارس تقريبا ولكن نشعر بالمتعة خلال أيامه حيث تتعامل معه الأسر بجدية بتوفير البطانيات والمياه الساخنة والماء المغلي للحمام والاكل الجيد والمتابعة الدقيقة للأطفال
وقبل ذلك توفير الكساء المناسب حيث كانت الحياة رخية وأسعار السلع في متناول اليد..الآن تأمل الأطفال وهم في طريقهم للمدارس في عز الشتاء أغلبهم ليست لديهم ملابس مناسبة تقيهم شر البرد بل ربما لا تقيهم الحر أيضا وليس بحوزتهم اي فلوس للإفطار ولا يحملون معهم فطورا من البيت.. ولا يجدون في مدارسهم ما يسد رمقهم..!
فتتضاعف المعاناة وربما لا يستطيعون متابعة الحصص والتحصيل والبطون خاوية..! ويعودون خماصا كما خرجوا خماصا وربما لا يجدون في بيوتهم ما يسد الرمق ويسكت نداء الجوع الملح.. وربما هذا حال الام والأب وسائر من في البيت..! والآن مع تهاوي الجنيه السوداني الذي اصبح ورقة في مهب الريح فإن رب الاسرة وام الاسرة لا يستطيعان تدبير كسوة الشتاء للأطفال وربما لا يتمكنان من توفير وجبة الفطور ومن بعدُ الغداء والعشاء..
كانت طعمية الصباح الطازجة الحارة هي الحل الأمثل لإفطار التلاميذ والتلميذات حيث تشهد البقالات في الاحياء ازدحاما لطيفا وتسمع أصوات ابواق سيارات الترحيل تستعجل الطلبة للحاق بالمدرسة ،، جلبة وضوضاء مزعجة ولكنها مقبولة ربما لا يتضايق منها احد.. الآن اصبح الازدحام خفيفا على الطعمية.. وحبة طعمية واحدة لا تشبع أحدا ورغيفة بجنيه لا تسد الرمق..!
هناك محاولات خجولة هنا وهناك لإفطار التلاميذ على مستوى بعض الجمعيات والمنظمات وهناك اسر توزع في صمت جميل مئات الساندويتشات على طلبة المدارس بلا من ولا اذى.. والقائمة تزداد.. انها دعوة وربما صرخة للتكافل ولزيادة مساحة توزيع الإفطار على تلاميذ وتلميذات المدارس..
وعلى الاسر القادرة ان تعمل بفكرة ساندويتش زيادة لصديق ابنهم الطالب بحيث يسهم كل بيت في إفطار طالب واحد فقط.. ستتسع الدائرة ويجد كل طالب فقير ساندويتشا يقيه البرد ويعينه على التحصيل.. هل من مستجيب..!