صحيح ان حال البلد لا يسر وان وضعنا الحالي داخل السوداني مأساوي وصعب وقاسي.. وان الحياة لا تحتمل بغلائها وبؤسها و انعدام الأمن فيها..ولكن رغم كل تلك المحن والاحن هناك منح وهناك آمال تتجدد.. وهناك مبادرات ومحاولات تدق جدار اليأس بقوة وتفتح طريقا لامل يتجدد في النفوس والقلوب.
وشعبنا السوداني معدنه اصيل كالذهب لايصدأ..قد يعلوه الغبار احيانا ولكن ينتفض من جديد ويصلح ما أفسدته الأحوال والأقوال والممارسات التي لا تشبهه ولا تشبه البلد الحر والشعب الابي.
وإن شاء الله تعالى بمنه وفضله وحوله وقوته وتوفيقه ينصلح حالنا ونتجاوز كل تلك المحن والآلام والعقبات.. وتتجدد فينا الحياة والحيوات ونغادر هذه المحطة اللعينة التي توقف فيها قطار الحرية والعدالة والسلام زمنا طويلا..!
ربما ما حدث في ولايتي النيل الازرق وكسلا وغيرهما من ولايات السودان ايقظ القلوب وفتح البصيرة على الخطر الماحق الساحق الذي تتعرض له بلادنا من الداخل والخارج. والفتنة التي كانت نائمة وتغط في سبات عميق.. هناك من شياطين الإنس والجن من أيقظها وحركها هنا وهناك. ولكن وعي هذا الشعب وترابطه هو السلاح القوي الذي نواجه به الأعداء والفتن ماظهر منها وما بطن.. وكما قيل إن بعد كل محنة منحة فإن ما خرجنا به من محنة الفتن القبلية والجهوية إننا جميعا كسودانيين ضد القبلية والجهوية والعنصرية.. وان تعدد قبائلنا واثنياتنا مصدر خير وقوة وليس مصدر شر.. ويجب ان نحرك كوامن هذا الخير في النفوس ونخرجه واضحا جليا كي نستعين به على محاربة الشر وقوى الشر التي تحيط بنا وتتربص بنا الدوائر.
ولقد اسعدتني تلك الأصوات السودانية الرائعة التي شجبت واستنكرت في التو واللحظة ما حدث من فتنة في النيل الازرق.. وهناك فنانون وشعراء وادباء واعلاميون ومثقفون وغيرهم من فئات المجتمع واقطابه ورموزه من تحرك لوأد الفتنة وقطع دابرها والتبصير بخطورتها على بلدنا ومستقبلنا.
هذا التحرك السريع العفوي اثلج الصدور ونبه الى ضرورة فتح المجال واسعا أمام رموز المجتمع في كل المجالات لتوسيع دائرة المبادرات من أجل السلام والتعايش السلمي ونبذ العنصرية.. ومحاربة خطاب الكراهية بل وتعميق خطاب المحبة والتقارب وان يعود السودانيون كما كانوا اخوة متحابين يدا واحدة في كل ربوع الوطن.. فكلنا سودانيون محبون لبلادنا العزيزة.
والان نثمن الجهود الرياضية المبذولة على أرض الواقع.. ولاشك ان مباراة القمة بين الهلال والمريخ في الجنينة في الثلاثين من مايو المقبل هي خطوة مباركة ومبادرة قيمة تستحق الإشادة.. وبالرياضة والفنون يمكن ان نزيل الاحتقان وأن يعم السلام..
فياليت ان يتحرك الفنانون عبر اتحادهم لاقامة حفلات غنائية وموسيقية في جميع أنحاء البلاد وأن تكون هناك مباريات قمة كروية ومهرجانات محبة في كل شهر في كل ولاية من ولايات السودان.. وأن يعود للدورة المدرسية الرياضية والفنية والثقافية فعالياتها وزخمها والقها.
اذكر ان للاخ السلطان حسن برقو قبل سنوات مبادرة ناجحة بتكوين فريق للنازحين لعب مباريات اختتمت في الفاشر ثم لعب منتخب النازحين مباريات في عدد من ولايات السودان كان لها صدى ممتازا.
الان مبادرة الجنينة ومهرجانها وقيمتها الكروية برعاية نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي هي بداية سليمة و قوية و مؤثرة يمكن تفعيلها لتضم كل ولايات السودان.. فما أحوجنا للمبادرات وان يعم الامن والسلام ربوع الوطن العزيز.