الرئيسية » المقالات » وطن النجوم[علي سلطان]صديقي الأوكراني نيكولاي غوزيل

وطن النجوم[علي سلطان]صديقي الأوكراني نيكولاي غوزيل

سلطان

جاءني  تعليق لطيف من صديقي الكاتب والروائي الإماراتي سعيد البادي على ما كتبته أمس عن حنيني الى أوديسا وقال  لي:  لقد انشغلت بالطلبة ونسيت الحنين.

 وقال نحن نريد أن نقرأ عن الحنين.. قلت كلامك صحيح فقد انحرفت عن ما أنوي الكتابة عنه إلى زاوية  اخرى..! 

وسعيد البادي رجل يعشق  السفر والترحال ومعظم  رواياته كتبها من واقع رحلاته حول العالم خاصة في أمريكا الجنوبية..!وقلت له ياريت لو زرت أوكرانيا اكيد ستخرج منها برواية جديدة.
اعود الى (حنيني) المقيم  الى أوديسا حاضرة البحر الأسود والمدينة المشهورة عالميا منذ قديم الزمان.. كنت كما ذكرت بالأمس ،، اجلس منذ منتصف النهار  في المقهى الإيطالي في شارع المشاة.. حيث الاشجار الباسقة  وارفة الظلال وهي تحتضن الناس والكراسي ومن حولها سوق عظيم للباعة الجائلين وأصحاب المحلات الكبيرة، كان هناك عدد من المقاهي الجميلة  والناس من أجناس متعددة.. القهوة والبوظة  والحلويات والمكسرات.

أصبح وجودنا  مجموعتنا مألوفا للنادلات الجميلات .. وكان صديقي الضخم نيكولاي غوزيل يقول إن هذا المكان مكتبنا جميعا، كنا نلتقي عددا من الطلبة السودانيين والعرب هنا، وكذلك اصدقاء نيكولاي الظرفيين  مثله.. وكذلك صاحبنا يوري المحامي الذي  حفظ من العربية كلها كلمة (طلاق) فكا يرددها كثيرا وأحيانا  يصر  على ترديدها كي يدفع ثمن المشروبات ويقول (طلاق ..طلاق) زي عليّ الطلاق وعليّ الحرام  ألا يدفع احد غيره ..!
وكان يورى  لطيفا يحظى بمحبة الطلبة الأجانب ويجدون متعة في الحديث معه.. فهو على الجانب  الآخر صهر  البروف تمارا عميدة كلية الطب ..زوج ابنتها الطبيبة الجميلة.ولكن سيد  الجلسات بلا منازع  وزعيمها هو  نيكولاي او ميكولا كما ينطقون اسمه  في بلده اوديسا.

كان نيكولاي حتى وفاته قبل نحو سنتين يعمل في شركة اسمها تافريا للخطوط الجوية  وكان يدير مكتبها في دبي لسنوات.. تعرفت عليه مصادفة في أحد المعارض في الشارقة وتوثقت علاقتنا بشكل كبير كان رجلا ضخما قويا  ولكنه كان ضاحكا وهزليا  الى حد كبير وفتح لي الباب لزيارة أوديسا حيث كانت الرحلة على  طيران تافريا من دبي الى أوديسا  والعودة.. وليست عبر العاصمة كييف.

 ثم عرفني على البروف ارينيا والبروف تمارا.. حيث بدأنا معا مشروع الدراسات الجامعية في أوديسا وجنوب أوكرانيا.. وكنت قبل ذلك قد سافرت الى كييف  ومعي الاخ ابو الحسن التلب وتعاقدنا  مع  عدد من الجامعات هناك.

وكان نيكولاي يحفظ  كثيرا من الكلمات العربية  فكان  يجربها معي في حضرة اصدقائه..  لقد احزنتني وفاته كثيرة وقد اتصل بي ابنه الكبير ليبلغني لوفاته فقد كانت أسرته تعلم عمق علاقتي به.. ولا انسى ابدا رحلة لنا معا ،، بدأناها من اوديسا بحافلة سياحية لم يكن فيها من الركاب سوا  نيكولاي وانا إلى  شبه جزيرة القرم  التي استولى عليها الروس قبل سنوات.

 حيث سجلنا زيارة الى عدد من المدن الجميلة الاخاذة الرائعة هناك  مثل يالطا  المنتجع الصيفي لقادة الكرملين والتي شهدت مؤتمر يالطا الشهير عام 1954 بين تشرشل وستالين وروزفلت ..سيمفروبول  العاصمة التي كان اسمها (آق مسجد) اي المسجد الأبيض بلغة تتار القرم وسيفاستوبول.

ثم انضممنا الى  سفينة ضخمة كأنها (تايتنك) قادمة من غرب أوروبا  وعلى متنها عدد كبير من السياح واصبحنا جزء من تلك المجموعة فزرنا على اليابسة  اماكن عديدة في جولة ممتعة.. كان الهدف ان تجلب سياحا من الخليج في رحلات  شبيهة،، ولكن عادة لا تنجح تلك  المشروعات في وقتها.. بل تتجدد مرة ثانية بعد سنوات على يد رواد آخرين.