مع اكيد تقديري واحترامي لمدير عام السكة حديد وكل عامل فيها ولعطبرة عاصمة السكة الحديد والحديد والنار إلا ان حادثة قطار الخرطوم عطبرة يوم أمس الاربعاء وانحرافه عن مساره على بعد 62كيلومترا شمال الخرطوم بسبب سرقة مسامير وبراغي بلنجة محطة السكة حديد وميلان ثلاث عربات ركاب وانحرافها عن خطة السكة الحديد ونجاة 423 راكبا كانوا علي متنه كان حادثا وحدثا مفزعا نال حظه من اهتمام الاعلام الوسائط والتواصل الاجتماعي واصبح مادة خصبة للكثيرين لاهمية الحادث المثير والقضية..!
وكنت قد بدات بتاكيد تقديري واحترامي لعلمي بالظروف الصعبة التي يعمل فيها العاملون في السكة الحديد.. ولكن ما أفزعني بداية ثم ادهشني بعد ذلك. كيف يعقل أن ينطلق قطار ركاب وعلى متنه أكثر من 400 راكب دون فحص مسبق لخط سيره. والاطمئنان على سلامة الطريق من كافة الاعطال خاصة اننا في موسم الخريف والرياح والاتربة..؟! ثم ان حوادث سرقة القضبان نفسها ناهيك عن البراغي والمسامير وغيرها اصبحت متكررة..!!
الحمد لله ان ركاب القطار أدركتهم عناية الله ولطفه فنجوا.. ولكن السؤال البدهي.. اين دور السكة الحديد في مراقبة طريق القطار والقضبان..؟!
وقد يُعقل ان يطلب مدير عام السكة الحديد من الجمهور المراقبة..وهذا واجب وطني لابد منه. فمن لاحظ سرقة او تعديا فليخطر السلطات المسؤولة.. ولكن اين دور السكة الحديد نفسها في المراقبة والاحتياط المسبق؟
ايام زمان كان هناك عمال الدريسة الذين يتحركون قبل تحرك القطارات ويمشطون طريق السكة الحديد من ادناه الي اقصاه لاصلاح اي عطل.. كانوا رجالا اقوياء اشداء ..!!ونحن الان في عصر التكنولوجيا يمكننا مراقبة كل خطوط السكة الحديد على امتداد القُطر’ بكاميرات المراقبة والتحكم من بعد.. بسهولة ويسر..؟!! فاين نحن من استخدام التكنولوجيا!
في كل يوم تتجدد حاجتنا الماسة إلى السكة الحديد لنقل الركاب والبضائع وماتزال السكة الحديد هي أفضل وسيلة متاحة للنقل بين وسائل المواصلات والنقل الاخرى.. وهي تتطور وتتحسن باستمرار.. ونحن للأسف ضعينا وضعنا هذا المرفق الحيوي المهم وكنا سباقين فيه بل كان القطار هو أحد دعائم الوحدة الوطنية السودانية عندما كان يجوب كل المدن السودانية بلا استثناء
حاملا الخير والبركات والجمال موحدا بين القلوب.. فكم من قصة حب نشأت في عربة قطار وتكللت بالزواج وكم قصص تعارف تمت وعلاقات صداقة نسجت خيوطها على طريق القطار الطويل.. وكم اغنية تغنى بها المطربون عن القطر وشجونه وحنينه.. القطار المرا وفيه مرا حبيبي.
كثير من ذكريات السودانيين الحلوة مرتبطة بالقطار وبرحلاته ومحطاته محطة محطة مع عم الزين سواق القطار..!
ومازلت محبا للقطار افضله على اي وسيلة نقل اخرى.. وقد كانت مدينتي شندي محطة مهمة للقطارات وماتزال.. ومازال ركاب القطر يفرحون بوصول القطر الى شندي.. فالطمعية والفراد والمناديل المطرزة وغيرها.. ماتزال علامات بارزة في محطة شندي.
لقد تطورت صناعة القطارات تطورا مذهلا..واصبح القطار اسرع من الرصاصة..وعرباته الانيقة ومقاعده الاثيرة تكاد تتفوق على الطائرات.
ومازلنا في مرحلة أن تعود السكة الحديد سيرتها الاولى.. ورغم أن سيرتها الاولى مرحلة تجاوزها التطور.. ونحن بعد في رجوعنا المستمر للخلف مازلنا دون سيرتها الاولى..!!