الرئيسية » المقالات » وطن النجوم[علي سلطان]الأحباب في أوديسا- أوكرانيا..كيف حالكم مع الحرب؟

وطن النجوم[علي سلطان]الأحباب في أوديسا- أوكرانيا..كيف حالكم مع الحرب؟

1661416650471_1661416645916_علي سلطان

منذ اول زيارة لي الى مدينة أوديسا الاوكرانية على الحرب الأسود في منتصف تسعينيات القرن المنصرم.. وانا زبون دائم لمقاهي شارع المشاة في وسط أوديسا.. نسيت اسم الشارع باللغة الروسية فقد كنت أحفظه عن ظهر قلب حتى لا اخطئه  أمام سائقي التاكسي.

 وكنت حريصا على ان احفظ عنوان سكن طلبة الجامعة في أوديسا حتى لا أضل الطريق ..وكنت اسكن في داخلية الأساتذة في كلية الطب.

 وكانت لي غرفة جميلة انيقة مرتبة وابريق شاي كهربائي وثلاجة صغيرة ومدفأة.. لم اكن استاذا في جامعة اوديسا ولكن كنت ضيفا مهما هناك .

إذا كان لنا  مكتب للقبول للجامعات الاوكرانية والهند في دبي.. ونجحت في إلحاق عدد كبير من الطلبة الهنود والعرب للدراسة في أوكرانيا خاصة في جامعة اوديسا العريقة.. وكان معظم الطلبة الذين التحقوا بجامعة اوديسا  عن طريق مكتبنا من طلبة الطب .. مما وثق من علاقتي بالجامعة وعميدتها الدكتورة تمارا وابنتها طبيبة العيون وزوجها المحامي(يوري)
وصديقي العتيد الراحل نيكولاي غوزيل والبرفيسور العالمة ايرينا.. وكان المحامي يوري  وسيطا بينا وبين الجامعة اضافة الى ساعدنا الأيمن هناك دكتور الوسيلة المبارك الذي قام مشكورا بكل عمليات القبول في الجامعات تلك .
لقد مر نحو ثلاثة عقود  من الزمان على تلك الأيام ولا أدري أين الآن  اولئك الطلبة والطالبات من السودانيين والعرب والهنود ..وفي اي البلدان والمستشفيات والتخصصات..! وهناك طلبة غيرهم في كليات الهندسة والاتصالات والطيران في مدن متفرقة من أوكرانيا .

تمكنا بفضل من الله ثم جهود ومتابعات طلابنا السودانيين هناك من إيجاد فرص دراسة لهم.

وحتى تجذب الجامعات الاوكرانية الطلاب الأجانب لديها فتحت المجال للدراسة باللغة الانجليزية وبأسعار معقولة  ولكن بالتجربة اتضح ان الذين درسوا الطب والهندسة وغيرهما باللغة الروسية كانوا هم الأفضل حالا من الذين درسوا المناهج باللغة الانجليزية.. وحين التحق اولئك الطلبة بالجامعات الاوكرانية 

كانت البدايات صعبة جدا..فقد وجد هؤلاء  الفتيان انفسهم امام حياة لم يألفوها خاصة ان الطالبات يسكن بجوارهم في السكن الجامعي وان العلاقات مفتوحة وليس هناك حاجز منظور بين صداقات الطلبة والطالبات اضافة الى الحفلات والديسكو وسهولة شرب الخمر..الخ وكلها عوامل مزعجة.

وقد انزعجت منها حين سجلت زيارة لأوكرانيا لاول مرة بعد فتح مكتب القبول للجامعات.. وتألمت كثيرا من بعض المشاهدات والحالات التي عايشناها..وفي الزيارة الثانية بعد عام كامل وجدت ما يسر القلب فقد انخرط الطلبة في كلياتهم ودراساتهم بكل جدية وانضباط وعرفت من الطلبة القدامى ان تلك حالات صعبة مر بها كل الطلبة تقريبا ولكنها بمرور الوقت تصبح العلاقات عادية وليس فيها ما يسئ..

ولكن بعض الطلبة تزوجوا من زميلاتهم او فتيات  اوكرانيات آخر تعرفوا عليهن.. وكان ذلك حلا سكت عليه الاباء على مضض حين عرفوا به.. ولكن بعض الشباب لم يتمكن  من المواصلة فترك البلد كلها.
على عكس  الطلبة الذين التحقوا عن طريق مكتبنا في دبي بعدد من الجامعات الهندية كانوا موفقين في دراساتهم ولم تصادفهم مشاكل تذكر حيث عدد الطلبة العرب كبيرا وخاصة السودانيين وطبيعة الحياة في الهند   لا تختلف كثيرا عن السودان في بعض تفاصيلها.
كان شارع المشاه في اوديسا بما فيه من مقاهي ومطاعم وحفلات ومهرجانات على الهواء الطلق متنفسا السياح وأهل البلد.. وكان ملتقى جميلا للطلبة الأجانب حيث تعدد المطاعم الغربية والشرقية.
والآن أدت الحرب الروسية على أوكرانيا الى هروب الأوكرانيين أنفسهم من مدنهم وقراهم  وكذلك المقيمين  الأجانب  وخاصة الطلبة السودانيين الذين فروا بعد معاناة قاسية الى عدد من دول الجوار بمساعدة مقدرة من شباب سودانيين مقيمين في أوروبا

اذكر منهم المهندس خالد فركاوي  الذي حكى لي جانبا من ما قدموه من مساعدات إنسانية مقدرة  للاجئين خاصة السودانيين والأجانب..وعالجوا كثيرا من المشاكل المستعصية لأسر وعائلات سودانية.. وهي ملحمة تستحق الشكر والتقدير والتوثيق.