زاد عدد مبعوثي الدول في الشأن السوداني الذي اصبح (خشم بيوت) وموضوعا غير ذي موضوع في لقاءات المبعوثين في شأننا الذي أصبحنا نحن لا نعرف عنه شيئا.. وننتظر آلية وآليات وحشود اممية وافريقية وقارية لتحل مشاكلنا بالحوار.. ذلك الحوار الذي لا وجود له في السودان المغلوب على امره!!
لا تضيعوا الوقت وارجعوا الى ملفاتكم القديمةَ ستجدون اكثر من نحو ألف توصية في ملتقى الحوار الجامع قبل زوال الانقاذ وقد شهدت قاعة الصداقة لعدة شهور جيشا جرارا من مختلف الاحزاب والحركات والملل والنحل الذين تنادوا من أجل حوار جامع.. وانفض بتوصيات ذهبت أدراج الرياح..!!
لا داعي للاستنساخ.. كل شئ موجود في السودان فقط ازح عنه الغبار.. وكما قال أحدهم احفر عميقا في شارع الجمهورية ستجد شارع اسفلت تحت الأرض صالحا للاستخدام..!!
واحفر عميقا في الذاكرة واستدع ما نسيت او انسيت.. ستجد اقوالا وافعالا ومواقف متشابهة حدثت قبل سنوات او عقود.. ومشاهد تتكرر من جديد كأنها بنت الساعة الماثلة.
وانظر عميقا بعين فاحصة الى بعض الشخوص ستجد انهم مستنسخون من وجوه اخرى كانت ذات اثر موجب او سالب.. وكانهم يلعبون الدور ذاته او المشهد ذاته مع تغير المكان والزمان فقط.. واحيانا تبدو الأحداث نفسها كانها مستنسخة من احداث سابقة.. او هكذا يخيل إليك.
في مسلسل جمال الدين الأفغاني الذي بث في عام 1984 بطولة محمود ياسين رحمه الله كانت وجوه الممثلين تتغير حسب المشاهد والأدوار ولكن الشخص الوحيد الذي ظل موجودا في المسلسل ومثل عدة شخصيات كان هو الممثل الراحل توفيق الدقن.. وكان يظهر في دور المحتل الغاشم .. وكأن المخرج اراد بذكاء ان يقول إنه الشخص ذاته والدور ذاته حيث لا تتغير مصالحهم وأطماعهم واستبدادهم..!!
وبعض الشخصيات تجدها حاضرة وماثلة في الشان السوداني منذ عهد قديم ومازالوا بالهيئة ذاتها والشكل ذاته وكانهم استحضار لروح الجمال و كانهم نسخ من صورة درويان غراي في رواية اوسكار وايلد.. حيث يدوم الشباب والوسامة الدائمة لدوريان ولكن حين ينظر للمرآة يرى صورته الحقيقية القبيحة وتقادم عمره..!
احفر عميقا ستجد الطرق المسفلتة قبل عقود وكانها تمت سفلتتها اليوم.. وستجد حضارات سادت وسادت.. وستجد شبكات للصرف الصحي والمياه النظيفة.. واحفر عميقا وازل هذه القشرة الواهية ستجد وجوهنا السمحة وتقاليدنا الجميلة وأخلاقنا الفاضلة وقيمنا الراسخة وكرمنا الذي يتحدث به الركبان.
احفر عميقا وازل هذه القشور والبثور ستجد عالما آخر يصنع حياة تستحق ان تعاش.