أراك عصي الدمع شيمتك الصبر.. اما للهوى من نهي عليك ولا امر؟
بلى انا مشتاق وعندي لوعة ولكن مثلي لا يذاع له سر..
اذا الليل اضواني بسطت يد الهوى.. وأذللت دمعا من خلائقه الكبر!!
وَلِمَ لا تُنصب نفسك أميرا عربيا فارسا كأبي فراس الحمداني.. وانت تقف الموقف ذاته ربما..! ويجيش في النفس مايجيش.. ويعتمل فيها ما يعتمل ويفور ما يفور.. ثم تظل عصي الدمع صابرا تتلهف الى ليل ظلام دامس يضويك فتبث لواعج الشوق والحنين وتبسطها كل البسط في حضرة الهوى وليس من تهوى..! ثم تفرج عن دمعك الحبيس يا عصي الدمع فتذلل دمعا من خلائقه الكبر.. فيصبح طيعا ذليلا في هدأة الليل البهيم.
بعض العُبّاد وجدوا في أراك عصي الدمع وكأنه موقف العبد في حضرة الخالق المعبود..فيطلق لدموعه العنان في ليل داج وسماء ذات ابراج وعبد محب في حضرة خالق الكون والاكوان.. وكانه على خطى رابعة العدوية في بوح العارفين.. أحبك حبين..
أحـــبـــك حــبــيــن حــب الهــوى
وحـــبـــاً لأنـــك أهـــل لذاكــا
فــأمــا الذي هــو حــب الهــوى
فــشـغـلي بـذكـرك عـمـن سـواكـا
وأمــــا الذي أنــــت أهــــل له
فـكـشـفـك لي الحجب حتى أراكا
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكـن لك الحـمد في ذا وذاكا.
وفارق الأمير الشاعر ابو فراس الحمداني الدنيا وبقيت قصيدته خالدة حاضرة تلقى حظها من التكريم والتقدير ربما بين يدي سيدة الغناء العربي ام كلثوم او فنان السودان القامة العملاق الراحل المقيم عبدالكريم الكابلي رحهما الله. وكان حال ابي فراس كحال غريمه الشاعر الفذ ابي الطيب المتنبي..
انام ملء عيوني عن شواردها.. ويسهر الخلق جراها ويختصم..!!
وهكذا حال الشعراء الافذاذ على مر العصور يتركَون شعرهم للناس يسهرون معه ويختصمون فيه.. وهم في النوم الأبدي حتى ينفخ في الصور..!!
وحالنا جميعا لا يختلف عن حال المتنبي رحمه الله
أَمّا الفِراقُ فَإِنَّهُ ما أَعهَدُ
هُوَ تَوأَمي لَو أَنَّ بَيناً يولَدُ
وَلَقَد عَلِمنا أَنَّنا سَنُطيعُهُ
لَمّا عَلِمنا أَنَّنا لا نَخلِدُ.
ويمضي الشهداء على طريق الخلود احياء عند ربهم يرزقون!!. ونحن على طريق معظم البشر بين لحدين..!