الغلاء تخلقه ثلاثة أشياء اساسية الندرة وغياب الدولة والجشع، والندرة نفسها وليدة ثلاثة أشياء مهمة هي ضعف اﻹنتاج وارتفاع الضرائب والجمارك وانعدام الوقود (النقل والمواصلات والكهرباء) ، أما غياب الدولة فله أيضا ثلاثة أسباب هي التنازع السياسي وغياب التنسيق بين مكونات الحكومة وضعف تنفيذ القانون.
أما الجشع فأسبابه ثلاثة ايضا وهي ضعف اﻹيمان وخيانة الوطن وحب أكل أموال الناس بالباطل. ونحن حتي لحظة كتابة هذه السطور ندور في فلك الثلاثيات المركبة تلك.
المستقبل القريب والقريب جدا سيشهد انفراجا اقتصاديا ملموسا ، ﻷن كل المؤشرات تتجه بقوة نحو تحقيق ذاك اﻹنفراج القريب ، ﻷن الدولة أعادت اكتشاف الثلاثيات المركبة وتحركت بالفعل ﻹقتلاعها تماما.
اولا ألغت الدولة جمارك القمح والوقود والدواء ومدخلات اﻹنتاج الزراعي والصناعي ، مما يتيح فرصا واسعة ﻹستيراد الضروريات لتنتهي الندرة وأسبابها الثلاثة ، وثم أن الحكومة قد انتبهت إلي وجود الجشع داخل اﻷسواق فأعدت العدة بالتنسيق بين وزارتي التجارة والداخلية لتنظيم حملات مستمرة لضبط اﻹسعار ومراقبة اﻷسواق واجتثاث الجشع الممسك بمفاصل النشاط التجاري. ثم أن الدولة أدركت أن التنازع بين مكوناتها السياسية والعسكرية وحواضنها الحزبية بما في ذلك القوى والحركات المسلحة المنضوية تحت العلم السوداني واﻹنتماء للوطن لن يدع الثورة لتبلغ أهدافها الكبرى ولذا جاءت المبادرة الوطنية من اجل اﻹلتفاف حول مشروع السودان الوطني النهضوي (إذا جاز لنا ان نسميه). وهو مشروع يمهد ﻹعادة البناء السياسي لكل المكونات ويعيد تأهيل الوطن للدخول في مرحلة انتخابات حرة ونزيهة ويقطع الطريق أمام كل محاولة لسرقة الثورة أو تعطيل التحول نحو الدولة المدنية العادلة التي تستند إلى العلم والسلم والتنافس الشريف.
مع التركيز على إعادة تأهيل الشعب ومشاريعه القائمة والمنتظرة لتحقيق اﻹنتاج وتوظيف كل الإمكانات والثروات لصالح المواطن .