الرئيسية » المقالات » وحي الفكرة [محجوب الخليفة]: لماذا فشل اﻹسلاميون والشيوعيون في السودان؟؟

وحي الفكرة [محجوب الخليفة]: لماذا فشل اﻹسلاميون والشيوعيون في السودان؟؟

الخليفة

اﻹسلام كمنهج لا يصلح كوسيلة لبلوغ اهداف لا اخلاقية، بل إن استخدامه علي ذلك النحو يجلب الكثير من المشاكل ويقود إلي استشراء الفساد والتردي واﻹساءة إلي اﻹسلام نفسه ، وربما كان ذلك الخطل اﻷساسي الذي صاحب تجربة اﻹسلاميين في الحكم وشكل مرجعيتهم في إدارة الدولة ، وبذات القدر لا يمكن لم يضمر تجاوز الدين واﻹساءة إليه واستهداف الناس في عقائدهم وتشجيع الفوضى والسلوك الذي يخدش الحياء العام ويصادم تقاليد المجتمع، كما يضمر الشيوعيون ، لا يمكن له أن يصل لمبتغاه أو يبلغ النجاح مما يجعل تجربة أهل اليسار في إدارة الدولة فاشلة هي اﻷخري.
فهناك العديد من تجارب الحكم ﻷحزاب إسلامية في بعض الدول ، كما في ماليزيا وتركيا ولكنها تختلف تماما عن تجربة الجبهة الاسلامية القومية السودانية والتي وسعت دوائرها بالتحول إلى الحركة اﻹسلامية حسب ما خطط مفكرها ورئيسها الأول المرحوم دكتور حسن عبدالله الترابي.
وبإجراء مقارنة مختصرة بين تجربة اﻹسلامين في السودان وتجربتهم في ماليزيا وتركيا يظهر بوضوح إن الفارق اﻷساسي والذي أضر بتجربتهم في السودان هو ازدواجية النوايا وخطل إستخدام اﻹسلام لبلوغ أهداف لا أخلاقية ، كما أشرنا آنفا. ولعلنا نكتشف ذلك الخطأ الفادح الذي وقع فيه قادة الحركة اﻹسلامية السودانية بمراجعة طريقتهم المتطرفة والمستعجلة في استعداء اﻵخرين بترويج الشعارات المستفزة وامتناعهم عن إستخدام الشعارات المحفزة والجاذبة ،بل انهم انتهجوا في إدارتهم للشأن الداخلي للدولة اﻵتي :-
* تصفية الحسابات مع خصومهم السياسيين في مواقع العمل .
* إعتماد معيار الولاء السياسي بديلا لمعايير الكفاءة وتجاوز نظم وضوابط التأهيل والتدرج الوظيفي.
* إستخدام التسلل إلي اﻷحزاب المنافسة والتأثير علي منسوبيها واحداث صراعات تؤدي الي التشظي حتى اصبح الحزب الواحد مقسما الي عدة أحزاب تحمل نفس الاسم .
* إستخدام ما يسمى فقه السترة لصالح الفاسدين من قادتهم ومنسوبيهم وتجاهلهم لحديث المصطفى صل الله عليه وسلم ( لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها).
وهو نفس النهج الذي طبقه الشيوعيون وأهل اليسار بعد أن أتيحت لهم الفرصة. وهو نفس السلوك المتشابه فعند الإسلاميين ارتفعت الشعارات اﻷخلاقية لحماية أفعال لا أخلاقية ، وعند الشيوعيين رفعت شعارات العدل والحرية ولكن وبذات القدر لحماية أفعال لا تعرف العدل ولا الحرية.
أما إدارة الشأن الخارجي والعلاقات مع العالم فقد ارتكب اﻹسلاميون حماقات غريبة وشعارات بالغة الشذوذ مثل (امريكا روسيا قد دنا عذابها)
وهنا يظهر الشيوعيون وأهل اليسار افضل منهم واذكي إذ أنهم اعتمدوا اﻹنفتاح علي العالم وتصحيح صورة السودان المشوهة مدخلا أساسيا ﻹصلاح الوضع السياسي واﻹقتصادي للسودان ، ولكن الملاحظ أن اﻹسلامين انتهجوا في سياستهم الخارجية استعداء الخارج بينما اليساريون اعتمدوا اﻹرتماء في أحضان الخارج واﻹستجابة الكاملة لما ترغبه الدول الكبري والمنظمات الدولية . السؤال المتوقع من قارئ هذه السطور هو التساؤل وبدهشة ومتى حكم الشيوعيين واليسار حتى نقارن بينهم واﻹسلاميين أصحاب تجربة الثلاثين عاما في الحكم؟؟
واﻹجابة المحرجة هي ان الشيوعيين في السودان لم يبلغوا مرحلة اﻹنفراد بالحكم او تجاوز إدارة الدولة بالوكالة ولذا تجد بصمتهم الواضحة في أداء الحكومة اﻹنتقالية فهم موجودون في فعلها وإن أظهروا خلافهم واعتراضاتهم عبر بياناتهم المكتوبة وهو نفس تكتيك اﻹسلامين بعد المفاصلة.
حمدوك يتعامل بحكمة وروية وينتهج منهجا يحث علي التضامن والتكاتف ولعل مبادرته الوطنية تذهب إلى توظيف كل امكانيات اﻷفراد واﻷحزاب والحركات وكل ابناء السودان داخل وخارج الوطن لصالح مشروع قومي نهضوي يصحح الكثير من اﻷخطاء التاريخية ويؤسس لوطن بمواصفات جديدة ،، وهذا هو اﻹتجاه الصحيح الذي يخرج السودان من دوامة صراع اليسار المتطرف و غلو اليمين المتزمت .