نحن أمة حبيسة اﻷوهام أحيانا نصنع اﻷكاذيب وننشرها ثم نصدقها أو تصلنا من شبكات صناعة اﻷكاذيب فنستسلم ونعدها حقائق، وتلك هي مصيبتنا الكبرى التي ترهقنا في معاشنا وفي معاملاتنا اليومية وتهزمنا كأفراد ومجتمعات بل ووطن
واقعنا السياسي واﻷقتصادي رهين تلك اﻷوهام واﻷكاذيب ..
قليل من التدقيق يكشف لنا بوضوح أننا ضحايا اقتصاد وهمي بكل المقاييس لا علاقة له بحركة اﻹقتصاد العالمي ونظمه المعروفة ، اﻹنتاج، الوفرة، الندرة ،العرض، والطلب، مما يدل على أن هناك شبكات تجيد فن اﻷبتزاز اﻷقتصادي ،وهو ما يجعل اﻷقتصاد الوهمي المختلق متحكما وقادرا على هزيمة الوطن والمواطن.
اﻹقتصاد الوهمي هو السبب وراء ارتفاع قيمة الدولار وتدهور الجنيه السوداني والسؤال الذي يكشف الحقيقة كيف يتصاعد سعر الدولار في غياب طلب الموردين وتوقف حركة السفر الي الخارج وتعطيل مواسم الحج والعمرة ؟ وإذا كانت تلك أسباب تزايد الطلب علي الدولار في السوق فمن المنطقي هبوط سعره نتيجة لضعف الطلب ، وهذا يؤكد أن حركة اﻹقتصاد الوهمي هي سيدة الموقف وان مضاربات خفية هي التي تخلق طلبا على الدولار ..
وثمة مثال آخر يكشف بوضوح غياب اﻹقتصاد الحقيقي وسيطرة اﻹقتصاد الوهمي المختلق والمثال المؤسف هو ان المضاربين يكسبون والمنتجين يخسرون وهذا هو مايحدث في السودان دون بلاد العالم اﻷخري والسبب ان ثقافة المضاربة وهواية التجارة الجشعة متغلغلة في كل اﻷوساط السياسي والموظف والطبيب والمهندس والقانوني والمعلم معظمهم يمارس التجارة الخفية أو السمسرة القذرة ، والشواهد كثيرة من لدن وزير خارجيتنا في عهد حكومة سابقة والذي فاجأ مستثمرا عربيا شهيرا بطلبه عمولته بلا حياء مما تسبب في خسارة السودان ﻹستثمارات ضخمة نتيجة لرواج معلومة وسط المستثمرين ان قادة الدولة في السودان سماسرة يبحثون عن مصالحهم الشخصية ولا يمكن للمستثمر المخاطرة في مثل هذه الحالة، ولايزال الوضع كما هو ولطالما أن هناك بعض المسئولين الكبار في الدولة يمتلكون شركات كبري تنشط في مجال منتجات اقتصادية هامة ترتبط بالصادرات القومية الهامة.
اﻹقتصاد الوهمي هو المسئول عن تخلف السودان ومنعه من ان يكون افضل الدول الافريقية والعربية في كل شيء ولكن بسبب شبكات اﻹقتصاد الوهمي الفاسد والذي بسببه افتقر السودان على الرغم من انه اغني دول العالم بموارده وهو الذي جعل وطننا الحبيب يتسول القروض والمنح بينما ثرواته المنهوبة والمهربة عبر الحدود وأحيانا عبر المطارات والموانئ علنا هي سبب ثراء اﻵخرين..
المطلوب اﻵن هو التخلص من شبكات اﻹقتصاد الوهمي وسط القادة والسياسين وقادة اﻷحزاب والمؤسسات العسكرية واﻷمنية في الدولة والحركات المسلحة والمنظمات وموظفي الدولة عموما وأصحاب المهن كاﻷطباء والمهندسين والصيادلة والموردين وأهل التجارة عموما،فﻻيعقل ان تكون ثرواتنا ومنتجاتنا متاحة لغيرنا خارج الحدود ومحرمة علينا بسبب الجشع ومافيا اﻹقتصاد الوهمي.