عندما يغيب الحكماء يتسيد الموقف الرجرجة والدهماء وفي غياب الكبار يسيطر اﻹنفعال ليكون قريبا من أدوات الحريق (البنزين وعود الثقاب)، فلا يعقل ابدا ان ينتهي الخلاف إلي المواجهة في الشوارع والطرقات وان ينتظر البرهان وحميدتي وحمدوك والأطراف المتصارعة في المكونين المدني والعسكري اﻹنتصار علي خصومهم بإستخدام الشارع وتحشيد انصارهم ،فتلك جريمة متعمدة وخطأ لايغتفر.
المؤسف حقا ان يسقط وطن جميل مثل السودان تحت قبضة قادة يظهرون عجزهم عن الحسم ويمتنعون عن الجلوس معا لمواجهة قضايا لا تحتمل التأخير او التأجيل او التجاهل
لماذا يمتنع البرهان او حميدتي او حمدوك عن مقابلة بعضهم واﻹسراع لمنع الصدام؟
فلا يمنع اللقاء إﻻ الطمع في اﻹنفراد بالسلطة وإكمال السيطرة واﻹستغناء عن الطرف اﻵخر ، ومن كان فهمه للقيادة وحكم البلاد بهذا المستوى لا يستحق القيادة ﻷنه أقل من قامة هذا الوطن ولا يستحق ان يقود هذا الشعب العظيم.
من اخطر الجرائم التي ترتكب اﻵن الزج بالقوات المسلحة في صراعات سياسية وأطماع الحكم ، كما أنه من أعظم الجرائم ايضا ان يزرع في أذهان البسطاء مواجهة ضد جيشهم ، وكل ذلك يحدث اﻵن بسبب اﻷطماع الشخصية وجهل القيادات التي تتصدر الموقف.
الوضع الراهن في السودان يحدث عن اختراق واضح وغياب كامل لحب الوطن في قلوب من يديرون البلاد ويتصدرون النشاط السياسي ، والخلل الذي نعاني منه اﻵن ربما نتج عن ضعف في نصوص الوثيقة الدستورية وأخطاء فيما اسموه اتفاقية جوبا للسلام والتي سمحت بدخول قوات الحركات المسلحة قبل تنفيذ برنامج الدمج والتسريح وتسليم اسلحتها للقوات المسلحة ، مع التراخي في معالجة خلايا النظام السابق وعناصره المسلحة والمدربة، وكل تلك الجهات متغلغلة وسط الحشود وموجودة كجزء من مواجهة الشارع وصراعه.
هناك ساعات تفصل بين استقرار السودان وانزلاقه في مواجهات لاتحمد عقباها ، وإذا كان البرهان أو حمدوك أو حميدتي رجال علي قدر قامة هذا الوطن لسارعوا اﻵن وفورا إلى إنهاء القطيعة بين المكونين وعقد اجتماع مشترك بين المجلسين وعلي وجه السرعة والتنازل عن صغائر اﻹنفعالات الشخصية واﻹنتصار لصالح السودان وشعبه. فليس مقبولا ان تحول الخلافات الشخصية دون حماية السودان من اﻹنهيار .
كلهم يسرعون إلى اﻹنتصار لكرامتهم الشخصية ومعاقبة اﻵخرين ولا يهمهم السودان وأمنه واستقراره ﻷنهم لاينتصرون لوطنهم..
ونخشى أن يكون رد من يقرأ هذه السطور (لقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي).