إذا سلمنا جدلا أن كل الشعب السوداني ينظر إلي ذاك الضوء في آخر النفق على أمل العبور والخروج من كل مأزقه المتكررة ومشاكله المزمنة وطريق معاناته الطويل، إذا سلمنا جدلا والتزمنا جميعا بالبحلقة تجاه ذيااك الضوء في آخر النفق فما الضمان أن يظل الضوء على حاله أو يتعرض نفقنا ذاته للتترييس إذا لم تتحرك الحكومة اﻹنتقالية وتلتفت الحركات المسلحة بما فيها الدعم السريع وكذلك الأحزاب والحواضن السياسية والشبابية إلي ضرورة التخلي عن كل فعل او ترتيبات او حتي تصريحات تضر بمصالح الوطن وتضعف التوجه نحو بناء وطن واحد عماده جيش موحد وقوي وحكومة وطنية تمتلك رؤية واضحة لتأسيس حكم مدني يرتكز على العلم والعدل ليحقق مصالح السودان ولا يفرط في هيبة الوطن ولا يتساهل تجاه المخربين والمهربين والمتآمرين .
لن نخرج من النفق حتى يرتقي الحلو إلي مستوي الوعي واﻹدراك فلا يذهب إلي المطالبة بمايصدم النظام اﻹجتماعي السوداني داخل جبال النوبة بذات القدر الصادم ﻹهالي حلفا القديمة او طوكر او الفاشر، ويطالب بحذف البسملة من مكاتبات الدولة وإلغاء عطلة الجمعة ليتجاوز بذلك حدود المعقول في مطالبته بعلمانية الدولة والتي قد تجد تبريرا مقبولا لدى الكثيرين. ولن يبق الضوء في آخر النفق اكثر بريقا إذا لم يفهم حميدتي أن مستقبل السودان الواحد وسلامته وقوته تفرض عليه أن يستوعب ضرورة أن يكون للسودان جيش واحد بقوة ضاربة ، بتذويب الدعم السريع والحركات المسلحة داخل الجيش وفق نظمه وضوابطه الصارمة ، وأن نفهم جميعا أن مستقبل السودان لا يقبل وجود جيش مواز أو جهات أخري تحمل السلاح ، فلا يقبل أي سوداني أن يكون وطنه مثل لبنان ( جيش مع كتائب حزب الله) او مثل العراق ( أحزاب مسلحة وكتائب ومرجعيات متنازعة) ينفذ بعضها اجندات خارجية تخدم جهات كل همها تحقيق مصالحها فقط.
سنظل في النفق بل قد ينطفئ الضوء هناك في آخره ، إذا لم ترتق إلي هم واحد وهدف مقدس هو أن نتفق على تأسيس وطن العدل والعلم والمساواة ، بعيدا عن اﻷطماع الشخصية والحزبية والحركية والقبلية والجهوية، وأن نتجه بقوة نحو المصالح العليا للسودان حتى نتخلص من كل مشاكلنا لتتمكن حكوماتنا من تحسين خدماتها للشعب وتطوير مرافقها ومؤسساتها وبالتالي مواكبة العالم فيما وصل اليه في مختلف المجالات.
رجاءا لا تطفئوا الضوء في آخر النفق بل دعوا شعلته تزداد بريقا ، حتى تنجحوا في الخروج بالسودان من نفقه المظلم و خطواته المتعثرة وحظه العاثر الذي ظل ملازما له منذ عقود طويلة.