الإبداع في أبسط تعريف ،هو تجاوز دائرة الروتين في طريقة التفكير ،والتعبير ،والتدبير،
فالنصوص التعبيرية،تلتصق بطريقة تفكير صاحب النص واكتناز مخيلته من المنقول والمكتسب و المتوارث من تجارب أو معلومات. فاللغة المستخدمة وطريقة عرضها تكشف الموقف الحقيقي ومستوى الكفاءة لدي كاتب النص
إذ أن اللغة المستخدمة هي وعاء للفكر، وهي وسيلة شديدة التأثير في حالة الكتابة المفعمة بالمشاعر والتوصيف للأحداث والوقائع والمشاهد كيفما كانت، وهي بالضرورة ليست بصرامة اللغة المستخدمة في كتابة البحوث العلمية أو التقارير الفنية، فاللغة المستخدمة هنا لغة منضبطة تستصحب الإقناع وفق معايير محددة ، إذ ان إستخدام اللغة الفضفاضة يناسب الكتابة الأدبية (القصة،والرواية ،والشعر ،والحكاية)، بينما الفضفضة، والتوصيف يفسد ، لغة البحوث والدراسات العلمية المحكمة.
ولعلنا بالتدقيق والتحقيق ،حول إستخدام اللغة والطرق المتبعة في كتابة النصوص ، قد نكتشف
الفوارق بين الالتزام الصارم المقيد للإبداع والإبتكار، والتجديد والاستخدام الجرئ اللغة على نحو يواكب إيقاع الحياة المتسم بالسرعة ،والإختصار ، وهو بالتأكيد يعني أن الشعوب التي لا تستسلم للروتين والمحاكاة وحدها المؤهلة لصناعة واقع يواكب حركة التجديد وبالتالي تستخدم لغة تناسب ذاك التجديد ، كمثال مفردة إنجليزية تقليدية Night أصبحت على رسم مختصر يواكب إيقاع التجديد والإبتكار Nite ، وذلك على سبيل المثال فقط.
ولربما نجد وبقليل من المراجعة صنفين من الثقافة ، الأولي ثقافة متجددة في طرق تفكيرها وتعبيرها وتدبيرها ، وهي ثقافة الشعوب التي تعشق النشاط والتجديد والإبتكار ، والأخرى ثقافة تستحق ان نطلق عليها مصطلح(الثقافة المحاصرة بالمحاكاة والاجترار ) وهي ثقافة البيئات البدائية وهي ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة المشافهة، إذ أنها تتكاسل عن مهمة أساسية وهي الكتابة والتدوين والتوثيق، كما أنها تهيب التجديد لتبقى رهينة الفهم المشوش وكمثال كلمة إبداع ، وبدعة، فكثيرا ما يفهم الإبداع عند أصحاب ثقافة الاجترار والمحاكاة علي إنه بدعة، ليظل الإبداع يقاوم موجات الاستنكار والعداء لسنوات طويلة، تفقده لذة الاستيعاب المواكب لميلاده.
وثمة أدلة دامغة، وشواهد مرصودة تذهب إلي التأكيد بأننا نعاني من سيطرة ثقافة الاجترار والمحاكاة والمشافهة، وهي التي تنجب المماحكة والخوف والتردد، والامتناع عن جرأة التفكير والابتكار ، والإبداع المتجدد.