قيل قديما إذا كنت كذوبا فكن ذكورا.. أي الكذاب الذي ﻻيتقن الكذب ضعيف الذاكرة كثير التناقض ، وكمثال حكاية الرجل الذي حكي أنه جرى (جرية واحدة) من تمبول ولم يتوقف الا في المناقل فاجأه أحد الحاضرين افو نسيت البحر ؟؟ فبهت الرجل وانسحب من المجلس خجلا بعد أن كان متصدرا المجلس .
سقنا ماقيل وما ورد من خلل معيب في تأليف الكذب لدى الرجل الذي ادعى الجري من تمبول حتي المناقل فخذلته ذاكرته فنسي النيل إذ أن تمبول شرق الجزيرة والمناقل بغربها ويفصلهما النيل ، قلت سقنا ذلك ﻷن التصريحات المتضاربة بين وزير المالية جبريل ابراهيم وعضو لجنة التمكين وجدي صالح تستدعي الحديث عن الكذب النيئ أو التصريحات الملفقة.
وجدي يقول ان لجنته سلمت المالية 6 مليون دولار نقدا ،ووزير المالية ينفي ويقول أن وزارته لم تستلم جنيها واحدا من لجنة إزالة التمكين ، لتطل علينا فضيحة مزدوجة ، لا يمكن تجاوزها في الحالتين ،فإذا ثبت أن كلام وجدي صحيحا فتلك فضيحة كبيرة تكشف أن وزير ماليتنا لايعرف شيئا عن وزارته ، أما إذا ثبت أن الوزير جبريل على حق وان ما ذكره وجدي لا اساس له من الصحة فتلك فضيحة أكبر تطال لجنة التمكين وتتجاوزها إلي الثورة بل وكل المشهد العام في السودان هذه اﻷيام.
والذاكرة المنتبهة للمتابعين لوقائع التصريحات المتناقضة لم تنس الموقف المشابه الذي وقع بين عضو اللجنة صلاح مناع ووزيرة المالية السابقة وسجالهما المتناقض حول ذات الموضوع (الأموال المستردة التسليم والنفي) ، مما يثير الكثير من الشكوك والتساؤلات حول هذا الموضوع الخطير ، وأهم تلك التساؤلات أين تحتفظ لجنة التمكين بتلك الأموال المستردة ؟
وكيف تم تأمين الاحتفاظ بها كودائع بعيدا عن وزارة المالية صاحبة الولاية الكاملة على المال العام (السيولة النقدية والأصول العينية)؟ لتستعيد الذاكرة القرار الذي أصدره رئيس الوزراء حمدوك نفسه بتكوين لجنة خاصة مهمتها استلام الاموال والاصول المستردة من منسوبي عهد الانقاذ ولماذا لم تظهر تلك اللجنة ؟؟
إذن الموضوع أكبر من تصريحات متناقصة وتحدي متبادل ، مما يؤشر إلي أن هناك الكثير من الحقائق الغائبة ، ولكنه على كل حال يمثل بوضعه الراهن ( التصريح بتسليم 6 مليون دولار ونفى استلام جنيه واحد)
إنما هي في الحقيقة فضيحة داوية تطال لجنة إزالة التمكين ووزارة المالية في ذات الوقت وتكشف ضعف التنسيق وانعدام التناسق وغياب الشفافية في إدارة الشأن العام .وقد سجل العقل الجمعي للمجتمع السوداني مقولته الشهيرة (العود لو مافيهو شق ما بقول طق).