وكأنما السودان خزانة ضخمة مليئة بالكنوز والوثائق والحقائق الاقتصادية والسياسية والتاريخية ورثناها من اﻵباء والجدود ، ولكن لم نتفق علي كيفية الترتيب والتخطيط والتنفيذ لﻹستفادة من ما تحتويه تلك الخزنة بعد فتحها ومراجعة محتوياتها الغالية، وانصرفنا إلى الجدل والنزاع والمغالطات.
حتى إذا اتفقنا بعد معاناة للقيام بثورة قادها الشباب فنجحت، ثم سمح صناع الثورة لتيارات سياسية ظهرت بعد نجاحها أن تشكل حكومة إنتقالية اعلنت عزمها علي فتح الخزانة واﻹستفادة من محتوياتها لصالح الشعب والوطن.
وكانت المفاجأة أن تكتشف الحكومة اﻹنتقالية إختفاء المفتاح ،لتكون مصيبتنا الحالية او العقبة التي تواجهنا هي كيف نستطيع ان نعرف من سرق المفتاح وأخفاه حتى تبقى الحكومة عاجزة لا حول لها ولاقوة .
إذن يوجد بيننا لصوص داخل الوطن او عملاء للصوص خارج حدود الوطن ، هم من سرق المفتاح واحتفظ به حتى لا نصل الي الكنوز داخل الخزانة ،وان تتوقف حركتنا نحو جادة الطريق وأن نظل ندور حيث نقف بحثا عن المفتاح ظنا منا بأنه ضائع.
بينما الحقيقة تؤشر بأن المفتاح يخبئه السارق ، ولن تستطيع الحكومة او الشعب إكتشاف من سرق المفتاح ، اﻹ باﻹتفاق والتوافق والوضوح والتعاون بين مكونات الحكومة.
والثورة التي أظهرت قدرة الشعب علي المواجهة هي أشبه بالسيارة التي وضعنا فيها كل آمالنا وأهدافنا وصعدت كل فئات الشعب علي متنها استعدادا لﻹنطلاق نحو مستقبل واعد فإذا بمن اخترناه لقيادة السيارة يفاجأ بسرقة المفتاح اﻷصلي لتدوير ماكينة السيارة ، بينما لاحظ وجود عدة مفاتيح مستنسخة يحتفظ بها بعض من يركبون علي متن السيارة ، مما يعني رغبتهم وطمعهم في قيادة السيارة والسير بها في طرق اخري بعيدا عن المسار الصحيح والطريق الواضح والمتفق عليه.
ومن يحتفظون بنسخ مستنسخة من مفتاح السيارة طمعا في قيادتها والتحكم في خط سيرها
بعضهم من الحركات المسلحة والقوات الموازية للجيش السوداني ، وبعضهم من اﻷحزاب التي تعتقد ان السودان وحكمه من أملاكها الخاصة ، وبعضهم من الجهات المتهمة بأنها هي من صنعت الثورة وحركت الشارع ، وجميع هؤلاء يشتركون في جريمة سرقة المفتاح ﻷنهم لا يحق لهم اﻹحتفاظ بنسخ بديلة
، بل يجب ان يقوموا بتسليم تلك النسخ جميعا ، والمساعدة في كشف من يخبئ المفتاح اﻷصلي .
وحتما سنصل للمفتاح اﻷصلي المسروق إذا اسرعنا في تنفيذ رغبة الشعب بأن يكون للسودان جيش واحد قوي بإمكانيات حديثة وكفاءة قتالية عالية وروح وطنية لاتساوم في حماية اﻷرض والعرض والموارد جيش وطني يحسم كل من تسول له نفسه تجاوز الحدود ومحاولة اﻹعتداء علي الوطن والمواطنين .
ثم سيادة إرادة سياسية قوية لدي اﻷحزاب والمكونات السياسية جميعا تسهم في تعزيز كل ما يخدم اﻵهداف القومية العليا ويؤسس لدولة العلم والسلم والعدالة.