الرئيسية » المقالات » وحي الفكرة [محجوب الخليفة]:السودان..المتاهة اﻹنتقالية

وحي الفكرة [محجوب الخليفة]:السودان..المتاهة اﻹنتقالية

الخليفة

المتاهة هي مسارات وطرق متداخلة يعجز من يدخل اليها من أن يصل فلايستطيع الوصول الي نهاية أو العودة إلي البداية أو نقطة انطلاقه الاولي. فالداخل الي المتاهة تائه مستسلم لحالة التوهان بالكامل. والمؤسف حقا ان يدخل وطن مثل السودان الي متاهة شديدة التعقيد ، ادخلته فيها الحكومة اﻹنتقالية الحالية غريبة اﻷطوار .
والحكومة اﻹنتقالية التي لاتمتلك بوصلة هي المسئولة عن دخول السودان وثورته العظيمةفي هذه المتاهة ،فالثورة الراغبة في التغيير والتخلص من اﻵخطاء المتوارثة في طريقة إدارة الدولة وبناء وطن توافرت لديه كل مقومات النهضة ، دخلت في حالة من التوهان والجهات المسئولة مما وصلنا اليه هي
1- جماعة الحرية والتغير
2- المكون العسكري
3- الحركات المسلحة
4- المجتمع الدولي ( قوي اقليمية ودولية )
5- ضبابية المواقف تجاه الوثيقة الدستورية أساس اﻹنتقال.
فجمماعة الحرية والتغير والتي فرضت وجودها كحاضنة سياسية وتصدرت كممثل للثورة وأختارت اﻹستعانة بالجيش ومن ثم الدخول مع قيادته في شراكة المرحلة اﻹنتقالية هي نفسها صاحبة الموقف الغريب المريب ، ونعني أن الحرية والتغير وبقبولها الشراكة مع مجموعة البرهان مع علمها ان الفريق البرهان ومجموعته هم من قيادات اﻹنقاذ العسكرية ،قد إختارت موقفا مزدوجا (أن تكون مع الثورة وضدها في نفس الوقت ) ولعل الموقف المزدوج هو الذي أدي الي اﻹنشاق وظهور نسختين من الحرية والتغير ومن هنا ضاعت بوصلة المكون المدني
أما المكون العسكري والذي وجد نفسه مرغما وبحكم مهامه القومية أن يستجيب لرغبات الشارع ، هو اﻵخر كان مصابا بأزدواجية المواقف وبتعبير أدق ، يسيطر عليه تنازع مواقفه الظاهرة المسايرة للثورة مع مواقفه المستترة التي المعارضة للتغير علي طريقة المكون المدني ورؤيته ).ومن هنا كان المكون العسكري في حالة توهان وبذات اعراض توهان المكون المدني.
أما الوثيقة الدستورية والتي اعدها الطرفان التائهان ووقعا عليها معا لتكون بوصلة أو خارطة طريق للمرحلة اﻹنتقالية تأثرت هي اﻷخري بمرض الطرفين .
أما الحركات المسلحة والتي دخلت في اتفاق جوبا للسلام هي اﻷخري لم تكن صادقة النوايا أو حريصة علي المشاركة الفعلية في مساعدة الوطن والتخلص من نزاعاته واﻹتجاه نحو التحول الديمقراطي والتحول المدني ، والدليل علي ذلك حرصها علي دخول قواتهاإلي الخرطوم مدججة بالسلاح لتتحول أحياء العاصمة الوطنية إلي ثكنات عسكرية وجيوش تزدحم بها الشوارع والطرقات ، مما يؤشر إلي حالة النوايا المزدوجة ، فكأن قادة تلك الحركات يستخدمون وجود قواتهم داخل الخرطوم كأداة ضغط اظهرت المحاصصات وفرض وزراء لايطالهم التغيير ، وكأن الحركات المسلحة ليست راغبة بجدية للتحول الي احزاب سياسية مدنية التوجه وكل ذلك بسبب ازدواجية المواقف (مع السلام وضده ) ﻷن اتفاقية سلام معطوبة إسمها إتفاقية جوبا ، لم تساعد السودان في إنجاز إستقراره ولكنها خلقت مخاطرا جديدة بابتكار مسارات هي قنابل موقوته تنسف وحدة ماتبقي منه ، ولعل ما حدث في شرق السودان يظهر ذلك بوضوح.
أما القوي الدولية واﻹقليمة هي اﻷخري متورطة إلي اذنيهافيما وصل اليه السودان ودخوله في متاهته المرهقة ، فالولايات المتحدة واﻷمم المتحدة واﻹتحاد الاوروبي واﻹتحاد اﻷفريقي وبعض الدول العربية الشقيقة كانت حاضرة منذ انطلاق شرارة الثورة ولم تزل متغلغلة في اوصال الحكومة اﻹنتقالية ، فاﻹختراق المكشوف للسودان وبموافقة حكومته اﻹنتقالية بمكونيها كان له اﻷثر اﻷكبر في خلق تلك المتاهة .
إذن جميعهم شركاءفي صناعة تلك المتاهة وجميعهم ساهموا في إدخال السودان في حالة التوهان اﻹنتقالي .