والحال الآن في السودان ثورة ولا ثورة ودولة ولا دولة ،والبلاد في وضع المعلقة لا كسبت زواجا ولا أدركها الطلاق ، والشعب هو ذات الشعب الذي ادخلوه النفق ليعبر ، ليكتشف أن هناك أيادي أطفأت الضوء في آخر النفق وأجبرت حمدوك المستقيل قسرا ، ليعبر وحده
وهي ذات الأيادي الآثمة التي أطفأت ضوء النفق وتركت السودان في ظلام دامس يصعب معه رؤية الطريق ، وهي ذاتها التي أحالت ثورة الشباب إلي سلسلة من التظاهرات المضرجة بالدماء والفواجع ،وكأنما تستخدم تلك الأيادي الخبيثة الثوار ضد ثورتهم لتكون الحقيقة المؤسفة أنها ثورة ولا ثورة
ثورة لأنها اقتلعت نظاما إنتهت صلاحيته ، ولا ثورة لأنها رفعت شعارها حرية سلام وعدالة وجعلت هدفها التغيير وتأسيس دولة مدنية وتآمروا عليها فصادروا منها حتى حرية التعبير ، ومنعوها من بلوغ التغيير
ومثلما الثورة هي ثورة ولا ثورة
،فإن نظام الحكم الحالي في حقيقته المؤسفة دولة بلا دولة لغياب أركان الدولة الدستورية فلا برلمان،ولامحكمةدستورية ولا مجلس وزراء الكفاءات الوطنية المتوافق عليها مدنيا، مما ترتب عليه استباحة السودان واختفاء هيبة الدولة المتحكمة في ثرواتها والملتزمة بتطبيق القانون والمتمسكة بنظم حركة التجارة والاستثمار، تلك النظم التي تعتمد التعامل بالدولار فيما يتعلق بصادراتها. مع اهتمام أجهزتها الأمنية والشرطية بضبط تدفقات العملات المزورة و المخدرات ومنع التهريب بكل أنواعه.
ولعل تصريحا منسوبا للبرهان يكشف بوضوح حالة الحيرة والارتباك ، حيث تداول على منصات الأخبار قول البرهان أنه أمام أحد خيارين أما تسليم الحكم لحكومة منتخبة أو تسليمها لجماعة البشير ، فإذا صح انه صرح بذلك فهذا يعني ان حالة التوهان الحالية هي جزء من مخطط لتفريغ الثورة والعودة للنظام السابق ، لأن الواقع يتحدث عن استحالة الوصول بالمرحلة الانتقالية إلى انتخابات تفضي إلي نظام مدني ديمقراطي.
حالة الا ثورة والا دولة هي تهديد للوطن وتفاقم معاناة الشعب وضياع لمستقبل الشباب ، وهي حالة يستغلها الفاسدون أهل اليسار المتطرف واليمين المتربص.