لا وجود للمحكمة الدستورية صاحبة الحكم الفصل فيما يشرع رئيس مجلس السيادة من قرارات وغاب القضاء المستقل بسلطاته التي تعلو السلطات التنفيذية ، وغاب البرلمان او الجهاز التشريعي الرقابي ، وهي جميعا اهم ركائز الحكم القائم علي النظم الدستورية المتعارف عليها ، بينما تسيد عجز القيادات القومية وضعف اﻷحزاب السياسية أمام أﻹحتقان المسيطر على الحكومة اﻹنتقالية المرتبكة والشارع الغاضب ، انطبق علينا المثل القائل (من امن العقاب اساء اﻷدب) الجهات التي تصدت للشباب بعنف ودموية أساءت استخدام سلطاتها وتجاوزتها لتتحول بفعلها ذاك الي خانة الفعل اﻹجرامي الذي يستوجب المحاسبة والعقاب الشديد.
أما الشخصيات التي تجلس على مواقع قيادة تلك الجهات الامنية والجهات التي اصدرت التوجيهات باستخدام العنف القاتل تجاه الشباب لن تغسل إثمها اﻹعتذارات ولا اﻹستقالات التي لن تحدث ، ﻷنها ليست من ثقافة وأدب حكامنا. فقد كان متاحا لها وبيدها كل ما يمنع دخول الشارع في سلسلة مليونيات اﻹحتجاج المستمرة ، ولكنها لم تفعل.والسبب هي انها تتصف بإحدى هذه الصفات الثلاث أو بها جميعا :-
الصفة الأولى أنها لا تمتلك المهارات والقدرات الكافية ﻹدارة حكم وطن بحجم السودان وتعقيداته.
والثانية :- أنها جاءت الى مواقعها بحكم وضعها وهي مطالبة من جهات أخرى لتنفيذ مهام محددة هي بالتأكيد ليست لصالح السودان.
والثالثة :- ربما بسبب الصفتين الأولى والثانية وقعت تلك القيادات في أخطاء عظيمة وارتكبت جرائم تستوجب الحساب والعقاب ، فهي اسيرة الخوف مما سيطالها في حال مغادرتها موقع السلطة.
ونتائج ما ذكرنا آنفا تجعل اﻹستقالة تقترب من رئيس الوزراء حمدوك ﻷنه اتصف منذ البداية محاولته إرضاء كل اﻷطراف مما أظهره في موقف الضعف لدى المكون العسكري ولدي حاضنته السياسية حتي وصل اﻷمر الي الشارع الغاضب والذي اعترض على اتفاقه اﻷخير مع البرهان وتنازله رغم انقلاب البرهان على المكون المدني وعلي الوثيقة الدستورية.