لا يعقل ابدا ان تكون قوات الشعب المسلحة( وهذا هو الإسم الرسمي للجيش السوداني) أن تتخلى عن مهامها الأساسية وأول تلك المهام حماية الوطن وحراسة البلاد والحفاظ على سلامة الشعب وممتلكاته وثرواته وجميع مكتسباته السياسية والثقافية الإجتماعية ومراقبة ورصد كل أنواع التهديدات بما فيها التجاوزات التي تهدد البلاد وتنسف أمنها وسلامها.
والسؤال المهم والذي يفرض نفسه وبقوة الآن هو :-هل يعلم اهل السودان كيف يحمون بلدهم من الضياع ويمنعون وطنهم من السقوط فى دوائر الحروب الأهلية وينقذون السودان من المؤامرة التي نُفذت فى دول عربية شقيقة مثل العراق، سوريا وليبيا؟ قلت هل يعرف السودانيون أن السبيل الوحيد لحماية وطنهم من الإنهيار هو منع المتآمرين من التسلل إلى مواقع السلطة ومن ثم نقل جرثومة الصراع والتشظي إلى أقاليمه المختلفة،
وأن السبيل الوحيد هو الإنحياز إلى الجيش السوداني لأنه بنظمه وضوابط الصارمة يظل عصيا على أولئك المتآمرين، ولأنه يبقى كما هو الحصن الذي يحتمي به الشعب السوداني والقوة الحاسمة والباطشة التي لا تسمح بالتفريط فى البلاد ولاتقبل الإفراط فى الغفلة التى تستغلها بعض الدول لتحقيق مصالحها ، وهي ذات الدول التى تتغلغل اولا وسط الأحزاب السياسية فتزرع بذور الخلافات وتشعل شرارة الفتنة، وتوظف خلافات السياسيين للتأثير على مؤسسات الدولة الحساسة مثل القوات المسلحة، والأجهزة الأمنية والشرطية.
المؤسسة العسكرية وينظمها المحكمة ونظامها الدقيق تدرك تماما وسائلها للتطوير وتعرف كيف تؤدي مهامها القومية، ولايقبل ابدا ان تخضع لأهواء السياسة، ولكنها وعبر برلمان قومى منتخب وجهاز تشريعي مسئول ومؤهل لوضع دستور دائم للبلاد يكون للقوات المسلحة نصيبا من النصوص الدستورية الملزمة.
المطلوب من أهل السودان وشعبه الكريم الإنتباه، ثم الإتعاظ مما حدث في العراق وسوريا وليبيا، إذ أن تلك الدول الشقيقة سقطت فى حبائل الفتن والحروب وأصبحت مسرحا لصراعات المنظمات الإرهابية ومواجهات بين مخابرات الدول الأجنبية يوم ان سمحت للمتآمرين بالتسلل إلى جيشها والتلاعب بهيبة قواتها المسلحة مما اضعفها وجعل تلك البلدان مستباحة للإرهاب والصراعات بين مكوناتها السياسية والقبلية وغيرها.
فالواجب الأول على القوات المسلحة وقيادتها الحالية أن تصمد بتمسكها بحصونها ولا تسمح للمدنيين بحشر أنوفهم فيما يخص الجيش، فلا يحق للمدنيين مراجعة القوات المسلحة ونظمها إلا عبر المجلس التشريعي القومي وبعد إنجاز الدستور الدائم للبلاد، وذلك لايعني انفصام بين القوات المسلحة والشعب وإنما الإلتزام بالنظام والقوانين التي أنشئت بموجبها القوات المسلحة، ولأن منع أي مدني أو سياسي من التدخل في شأن القوات المسلحة بدوافع أهواء حزبية أو رغبات شخصية، هو حماية للجيش السوداني كما هو حماية للبلاد والشعب السوداني من كل انواع المخاطر وجميع صنوف الإستهداف.
الجيش السوداني هو حصن الشعب السوداني الأخير، يحتمي به عندما يفشل اهل السياسة ويعجز المدنيون، وتخترق اي قوى أو دول أجنبية البلاد وتنشط في السيطرة والهيمنة الكاملة على القرار والهيمنة على مفاصل الدولة… الجيش حصننا الأخير، ولامجال لإختراقه لأنه صمام أمان السودان وشعبه العظيم.