و المهازل جمع مهزلة، وهى فى التصنيف ربما تكون شقيقة هرجلة، لأن مايجمع بين المهزلة والهرجلة هو أنهما يصدران ممن غابت عقولهم، وساء تصرفهم، وتدهورت قدرتهم على التمييز، وظهر عجزهم عن تحديد هدفهم واختيار الأخيار من بين صفوفهم، ولكأني بشاعر السودان ورئيس وزرائه الأسبق محمد أحمد المحجوب عليه رحمة الله، و الذي إستهجن المهازل، يتجول الآن في شوارع الخرطوم وازقة أحيائها القديمات، ويعيد قراءة ابياته الشهيرة :-
(ياضيعة الوطن الذي أنصاره قوم يرون النصر فى الخذلان ِقوم يرون حياتهم فى ذلهم ويرون كل الخير فى الإذعانِهذا زمانك يامهازل فأمرحي، قد عُدّ كلبُ الصيّدِ فى الفرسانِ) ▪️فالسودان الذي حفظه الله من الزلازل والبراكين، هو ذات الوطن المحبوس اليوم، تحت قبضة المهازل، التي غيّبت الفرسان، واعتمدت كلاب الصيد فرسانا، فتوالدت وتكاثرت المهازل، على نحو مخيف.إذ لايُعقل أن يكون السودان الأول المتأخر، و السابق المسبوق، والمعلم الذي يحتاج من يعلّمه، والغنى المتسول، أو أن يكون مصدرا للغذاء بينما يعاني شعبه الجوع والمسغبة
▪️ والغريب حقا أن يكون السودان وطن التأريخ البشري الأول بينما لايجد شعبه مصادرا توثيقية دقيقة لتاريخه المعاصر، فهو الوطن المتفوق والمتقدم على كل العالم فيما قبل التاريخ، ولكنه الآن هو المتخلف والمتأخر عن كل بلدان الدنيا، وطن يعيش في ظلمات خمس الأولى ظلمة سياسية، والثانية ظلمة عدلية والثالثة إقتصادية، والرابعة، ظلمة أمنية والخامسة ظلمة إعلامية، وكل ظلمة من الظلمات الخمس أنجبت مهزلة لتشكل مجموعة من المهازل التي أربكت المشهد، وخلقت واقعا بائسا يسيطر على السودان الآن.