الشجعان وحدهم من يعترفون بأخطائهم الكبيرة والخطيرة، وما يحدث في السودان اليوم من فتنة وصراع دموي مدمر هو نتيجة حتمية لتلك الأخطاء الفادحة، فماهي تلك الأخطاء ومن الذين ارتكبوها في حق الوطن والمواطنين؟
*اول تلك الأخطاء التي لا تغتفر هو ما ارتكبته الإسلاميون واهل الإنقاذ تحديدا (الرئيس عمر البشير ومجموعته) وذلك بتجييش المواطنين وإنشاء قوات الدعم السريع ومنحها سلطات واسعة والسماح لها بالتجنيد والتسليح بل والسيطرة على بعض الثروات القومية (جبل عامر ومناجم الذهب وغيرها من ثروات) حتى تجاوزت موارده المالية إمكانيات الحكومة المركزية وجيشها القومي.
*ثانيا هو خطأ شباب ثورة ديسمبر وسماحهم لمجموعات قحطت وجهات أخرى بسرقة الثورة وتغيير أهدافها ليصعد بعض العملاء والخونة الذين سمحوا باستباحة البلاد طولا وعرضا من قبل دول أجنبية ومخابرات إقليمية. مما شكل خطرا عظيما بظهور مشاريع أكثر من خمس دول للسيطرة على السودان وموارده.
*ثالثا الخطأ الفادح الذي ارتكبه عبدالله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل بطلبه من الأمم المتحدة وضع السودان تحت البند السادس والوصاية الدولية التي مكنت فولكر ومجموعته من التغلغل في كل ما يخص السودان والسيطرة عليه تماما حتى أصبح وكأنه الحاكم الحقيقي للسودان.
*رابعا الخطأ الأخطر وهو جريمة ارتكبتها الحكومة الانتقالية ومجلسها السيادي الذى أرسل حميدتي وبعض قوى الحرية إلى جوبا لصناعة اتفاقية مخزية مع الحركات المسلحة سمحت لجيوش الحركات المسلحة بماقيها الدعم السريع لدخول العاصمة الخرطوم والمدن الكبرى بالولايات مما ساهم فيما بعد في حريق الخرطوم والأبيض ومروي ونيالا وغيرها.
*خامسا اما الخطأ الكارثي فقد ارتكبه البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد الأعلى للقوات المسلحة وشاركه بالصمت المجلس العسكري و كبار قادة الجيش (هيئة الأركان وقادة الأسلحة) وهو السماح لقائد الدعم السريع بالصعود وتمكينه بل وتعينه نائبا له ومنحه سلطات حتى صار صاحب الأمر والنهى وكأنه الرئيس الفعلي للبلاد فاستفاد من موقعه وإمكانياته بتعين كبار ضباط الجيش المحالين للتقاعد وإلحاق أخطر ضباط الأمن والمخابرات لصالح الدعم السريع، كما استعان بالخبراء والمستشارين السياسيين لصالح مشروعه الطموح حيث استخدم قائد الدعم السريع موقعه للدخول في شراكات مع دول لها مشاريعها للسيطرة على السودان وثرواته مثل دولة الإمارات وروسيا، وإثيوبيا.
تلك إذن الأخطاء الفادحة التي أوصلت السودان وشعبه لذاك الصراع الدموي وذلك التشريد القسري للمواطنين من وطنهم لدول الجوار ،وقد اوضحنا الأخطاء التي لا تغتفر وذكرنا مَنْ ارتكبوها في حق الوطن والمواطنين، ولكن ثمة سؤال مهم يطرح نفسه بقوة وهو:- لماذا حدث كل ذلك في السودان؟
الإجابة هي أن السودان وطن بلا دولة، وإن تعاقبت حكوماته، وهناك فرق كبير بين الدولة والحكومة، فالدولة تمتلك دستورا دائما ومؤسسات دستورية دائمة، لا تستطيع الحكومات اختراقها كما لا تسمح دولة المؤسسات لأي حكومة بتجاوز الثوابت وتخريب أركان الدولة وتهديد أمن الوطن، والمواطنين.