الرئيسية » المقالات » موازنات[الطيب المكابرابي] وللحرب فوائد خفية وظاهرة

  موازنات[الطيب المكابرابي] وللحرب فوائد خفية وظاهرة

الطيب المكابرابي

الحرب التي تقودها القوات المتمردة على سكان الخرطوم منذ الهامي عشر من ابريل الماضي بعد فشل انقلاب قيادتهم وسعيها للسيطرة على الدولة أحدث كثيرا من الخسائر وخلفت كثيرا من الآلام والجراح تتجاوز الخسائر المادية والأموال والبنى التحتية الى خسائر في بعض الشرف وبعض أمراض قد يحتاج علاجها الوقت الطويل..
ما احدثه المتمردون الذين سنظل نشكك في سودانيتهم لم تتوقف حتى يومنا هذا فهم الآن وفي طريق مغادرتهم أرض معركة ارادوها يقصفون الاحياء والبيوت الامنة وينهبون ويدمرون كل شيء وهذا ما يجعلنا نؤكد أنهم على السودان غرباء…
برغم هذا وغيره أظهرت الحرب معادن اهل السودان عامة واهل الخرطوم الذين صبروا واحتسبوا كل شيء وغالبهم لم يظهر عليه انه فقد أي شيء رغم انه فقد كل شيء..
من محاسن الحرب ما هو خفي كتعامل أهل الولايات الأمنة مع من وفدوا إليهم مستجيرين وعودة بعض الاسر الى أصولها واستئناف علاقات الاهلية والرحمة بعد انقطاع قارب نصف القرن عند البعض واكثر أو اقل قليلا عند آخرين ..
من محاسن إن  نشأت وتوطدت علاقات جديدة بين اسر سودانية التقت فقط في ولايات لجأوا اليها فحدثت بينهم زيجات لم تكن لتحدث لولا هذا التهجير القسري…
مما كان نتاجا لهذه الحرب ان يتشارك أبناء المدن والقرى المقيمين والوافدين اعمالا تصب في خانة تطوير مناطقهم وتقديم الكثير من الخدمات ..في مدينة الدامر حيث نحن انطلقت نفرة تأهيل المستشفى العمومي وهو مستشفى يخدم المدينة وما حولها من قرى وارياف شرق وغرب النيل فتنادى الكل بمال ومواد وايد وأفكار ليحدثوا تغييرا يعيد المستشفى الى حال يمكنه من أداء مهمته فطال الأعمار غرف العمليات والعنابر والاسرة والانارة والتكييف والنفرة مستمرة بجهود شباب وشيب يستحقون الشكر والثناء..
مما فرضه الواقع ان البعض ( مقيمين وقادمين) تنادى في ذات المدينة يوم أمس فالتقت ثلة ممن قدموا الكثير في كل ضروب الحياة للتفاكر حول فعل يحرك الجمود الثقافي فكانت النتيجة توافقا على ابتدار العمل في النسخة الثانية من مهرجان( بلاد النور) الذي تنتجه  شركة ابن الدامر المخرج الطيب الصديق وقد بدأت الأفكار تتناسل من خلال تلك الجلسة لتخرج هذه النسخة  بشكل مشرف رغم ظروف الحرب التي تعيشها البلاد…
في شمال ولاية نهر النيل في منطقة فتوار على مقربة من مدينة الباوقة نقلت منظمة يطلق عليها( منظمة متطوعي بلادي الخيرية) كل أنشطتها الى هذه المنطقة ومنطقة الباوقة على وجه العموم فعمرت المدارس والمراكز الصحية وقدمت الإيواء والغطاء وكورسات التقوية للطلاب وهو أمر ما كان ليحدث لو أنها ظلت تعمل في الخرطوم..
تلك أمثلة فقط لما علمناه ودون شك مالم نعلمه اكثر وربما قدموا اكثر مما عرضناه وكله من محاسن حرب أضرت ومازال الضرر يتزايد ولكن .. هذا هو شعب السودان الذي ما بكى إلا بعين واحدة ولم تزده الشّدائد  والنوائب إلا صلابة عود وقوة عزم وعزيمة وإصرار على تحدي الصعاب وصبر حتى ينتهي هذا التمرد الملعون…
وكان الله في عون الجميع