في دامر المجذوب هذه لاتزال البكاسي المسقوفة (البرينسات) تعمل حتى يومنا هذا في نقل الركاب حيث ينحشر في جوفها خمسة اشخاص بكل جانب والبعض مصطحبا اطفاله وهو عدد مثير للمشاكل في كثير من الأحيان .
امتلأت هذه الوسيلة بعددها هذا وقبل ان تتحرك طلب أحدهم وهو يرتدي زيا عسكريا ان يجلس على الباب فبادرته احداهن بالرفض القاطع متعللة بالضيق الذي يعاني منه الركاب فاتخذ من الباب مقعدا ليضع كل جسده خارج المركبة…
بدأ حديث حول زيه الذي يرتديه وإلى أي فئة عسكرية أو شبه عسكرية ينتمي فقال أنه احد أفراد كتيبة البراء
عندها بدا البعض لهم بالدعاء بالنصر والبعض بالاشادة بما يقومون به من واجب وجهاد…
انبرت تلك المراة ضخمة الجسد التي بادرت بمنعه للحديث معقبة على من سبقوها لتكشف عن عداء هؤلاء البراؤون بقولها ان مايفعلونه ليس جهادا وإن الجهاد الذي تعرفه هو الجهاد في الدين وإنها ضد هذه الحرب وغير ذلك من الكلام…
تعقيب ونقاش البعض معها وزجرهم إياها وتناولهم كيفية وجودها هنا وانتمائها لأهل هذا البلد قاد أحد الركاب ليعلن انها اخته وانها اصلا من هنا ابا من بربر وأما من الدامر تزوجت برزيقي أنجبت منه البنين والبنات وجاءت لها الحرب حيث اهلها وانهم في كل يوم يتشاجرون معها حول موقفها هذا ولكنهم عليها مجبرون…
تناول النقاش قبيلة الرزيقات التي انبرى بعض قادتها لتاييد الجنجويد وانخرط معظم ابنائها في سلك الجندية الجنجويد وكيف انها قبيلة سودانية معروفة وكان لها من الاعراف والتقاليد والعادات مايتنافى ويخالف ويشمئز مما يفعله الجنجويد في السودان بعد حرب الخامس عشر من أبريل…
لم تصمت المراة واستمرت في الدفاع عن قوم عاشرتهم وانهم ليسوا بكفار حتى يعلن عليهم الجهاد وانهم اهل كذا واهل كذا وبعض الركاب يردون بالبراهين أنهم فعلوا مالم يفعله اعتى المستعمرين…
لا نعتقد ان الرزيقات كقبيلة وواحدة من قبائل السودان الراسخة ستختفي من خارطة الوجود على أرض السودان ولن تنفصم عراها وترحل بجريرة من عاثوا في كل السودان فسادا و تقتيلا وتشريدا وسرقة ونهب واذلالا للعباد…
بعض وربما كثير جدا من هؤلاء ينتمون الى هذه القبيلة وماجاورها من القبائل وقد اخطأ بعض قادتهم حين اعلنوا الانضمام الى هؤلاء القتلة مختارين أو مكرهين ولم يدينوا اي فعل شائن صدر تجاه اخوتهم في شتى بقاع السودان وحتى تلك الجرائم الصادمة التي تتصادم مع اعرافهم كعرب ومسلمين لم تجد الادانة والاستنكار والنهي عن التكرار…
واقعة الجنجويدية هذه تقول ان هناك ممسكات بين اهل كل السودان وإن الاعتراف بان ما حدث ليس فعلا سودانيا وإن القبائل المتهمة بالمشاركة فيه معنية تبرئة ساحتها وادانة حتى قادتها الذين أعلنوا انضمامهم لهؤلاء المجرمين حتى وإن كانوا ايدوهم دون علمهم بأنهم مجرمون…
هذا مطلوب اليوم وغدا وبعد نهاية هذه الحرب حتى تعود هذه القبائل الى حظيرتها والى تعايشها الذي كان مع الآخرين وإن تعمل على تطهير صفوفها من كل اجنبي عابر للحدود وحتى ممن اتخذوا التعدي على الناس والسرقة والنهب وسيلة لكسب العيش ذلك أنها ليست من خصال الرجال ولا تليق بقبائل ذات إرث تواريخ…
وكان الله في عون الجميع