على العكس تماماً للمقولة التي تقول أن شهر (مارس هو شهر الكوارث) ، يعتبر شهر مارس عيداً للمستهلك ، ففي الخامس عشر منه يحتفل العالم بيوم المستهلك العالمي والذي جاء تحت شعار نحو خدمات مالية رقمية عادلة
وعند الخامس والعشرين منه يحتفل المستهلك بيوم التقييس العربي ، ويجئ هذا العام تحت شعار التقييس أداة لعالم عربي رقمى، وأجد أن المستهلك يجد في الشعارين المطروحين ملاذاً آمناً في ظل المد السلعي الكبير فالغذاء الآمن حق لابد منه ولا يمكن أن تتحق المأمونية المطلوبة إلا من خلال مواصفات قياسية ملزمة للأطراف المنتجة والمصنعة للغذاء .
وتظل التجارة الرقمية أو الالكترونية واقعاً بات يسيطر على العالم وإن كانت غير ملموسة لدرجة كبيرة في الدول النامية ولكنها يوماً ستكون فرض عين على كل مستهلك مما يستوجب علينا الاستعداد الجيد من حيث قوانينها ونشر ثقافتها.
كذلك يهدف شعار هذا العام لإبراز دور التقييس فى تعزيز القدرات المؤسسية على التحول الرقمي من خلال وضع المعايير والمواصفات القياسية التى تضمن الاستغلال الأمثل لهذه التكنولوجيا وتسخيرها فى التنمية. وأن العالم يولى إهتماماً كبيراً لبرامج التحول الرقمى كونها داعم أساسي للقطاعات الاستراتيجية وتوفر المال والجهد والوقت، وتحافظ على البيئة.
إذن فشهر مارس بحق ، يعتبر شهراً لحماية المستهلك ، فكل المؤسسات الحكومية والخاصة العاملة في مجال المواصفات وحماية المستهلك تفتح الأبواب المغلقة في هذا اليوم لتعبر عن ما يدور فيها لأجل صالح المستهلك ، وفي المقابل يجب على المستهلك ان يلتزم التزاماً كاملاً بكل ما تقدمه هذه المؤسسات في سبيل تكامل الأدوار التي بلا شك تصب في مصلحة الجميع.
ولا بد من الإشارة لدور المنتج والمصنع والمستورد والمصدر في تحقيق رغبات وتطلعات المستهلك ، وهم أيضاً مستهلكين ، فالابتعاد عن كل ما يمكن أن يضر بالمستهلكين أو خداعهم أو تضليلهم يعتبر جريمة في حق أنفسهم في المقام الأول.
وبالنظر في شعار الاحتفال بيوم التقييس العربي نجد أن المواصفات القياسية تعتبر المرجع المعترف به عالمياً في تنظيم الدائرة المتكاملة لسلسلة الإنتاج والتداول وحافزاً على تحسين الجودة والاهتمام بمقومات الحفاظ على البيئة وبكل المتطلبات الآنية والمستقبلية للأسواق، كما تؤدي دوراً رئيساً في تبسيط القوانين الهادفة إلى تقييم جودة السلع أو المنتجات بما يضمن سلامتها وخلوها من كل شائبة قد تؤدي إلى ضرر المستهلك.
وحينما تحتفل المؤسسات العامة والخاصة بالمستهلك ، هذا يعني أنه يمثل محوراً مهماً في استراتيجياتها وفي قمة أولوياتها ، ولابد أن يجد هذا الاهتمام من قبل المستهلك نوعاً من التقدير والتفكر لماذا هذا الاهتمام ؟ والاجابة لابد أن تصاحبها واجبات يجب على المستهلك ان يقابل بها هذا الاهتمام ، فليس على المستهلك فقط دوماً المطالبة والمناداة بحقوقه ، بل يجب عليه أن يقوم بالواجبات كما يطالب بالحقوق.
ومن أوجب الواجبات على المستهلك ، الوعي الكافي بما يضره من خلال تجاربه الشخصية والتجارب العامة ، بجانب الإستجابة السريعة لإرشادات التوعية والتثقيف.
كما على المستهلك دوماً التعامل والانفعال الإيجابي مع مؤسسات المواصفات وحماية المستهلك وعدم النظر إليها بكونها مؤسسات تقوم بعملها فقط ، بل لابد من التعاون معها والتواصل الإيجابي لأن النجاح في عملية حماية المستهلك يتوقف على التعاون المشترك والتعامل بثقة وشفافية وتكامل الأدوار أقلها سرعة البلاغات والشكاوى عبر الارقام 5960 .
الحديث يطول ، وسأعود لواجبات المستهلك ، غير أني أبعث تهنئة للجميع بمناسبة
يوم المستهلك العالمي ويوم التقييس العربي ، فمجرد تخليد الذكرى هو نوع من الحب والوئام والسلام ، والاهتمام بداية النجاح.