تتجه منظومة الصناعات الدفاعية للتحول لشركات مساهمة عامة، هذا قرار استراتيجي مهم وفي الاتجاه الصحيح، ويدلل على عمق وخبرة القيادة الحالية للمنظومة.
منظومة الصناعات الدفاعية، المعروفة سابقاً باسم التصنيع الحربي، منظومة ذات أنشطة متعددة صناعية وزراعية وتجارية وخدمية، لعل أبرز مجمعاتها الصناعية مجمع جياد الصناعي شمال ولاية الجزيرة، والتصنيع الحربي جنوب ولاية الخرطوم، مجمع الصافات لصناعة الطائرات شمال أم درمان وغيرها.
على الرغم من أهمية المنظومة وأنشطتها المتعددة إلا أنها لا تملك 85% من مقدرات الاقتصاد الوطني حسبما أشاعت بعض الجهات في حملة مقصودة للنيل من المنظومة. إن حجم المنظومة وأنشطتها أقل من هذه النسبة بكثير، ولكن يكمن تميزها في الكادر البشري والتقني عالي التأهيل الذي يعمل بها، وفي الانضباط الإداري والكفاءة التشغيلية التي تميز شركاتها وأنشطتها المختلفة.
العديد من المؤسسات الاقتصادية في حكومة السودان هي أكبر من المنظومة الدفاعية في قيمتها السوقية، مثل البنك الزراعي الذي يملك تسعة أو تزيد من صوامع الغلال الهائلة في جميع أرجاء البلاد، وهيئة الموانئ البحرية التي تملك خمسة من الموانئ البحرية النشطة، وهيئة السكة حديد التي تملك أطول خطوط السكة حديد في افريقيا، ومجموعة سوداتل التي تملك شبكة اتصالات هائلة، وتساهم في ثلاثة من الكوابل البحرية العابرة للقارات، وغيرها من المؤسسات الاقتصادية العامة التي يتفوق حجمها على منظومة الصناعات الدفاعية، بما يدحض تماماً الادعاء بأن منظومة الصناعات الدفاعية هي المؤسسة الاقتصادية الأكبر في السودان.
التحول لشركة مساهمة عامة يحقق الكثير من المكاسب للمنظومة، أولها اكتساب السمعة والاسم التجاري النظيف. إن أنظمة سوق الخرطوم للأوراق المالية التي تلزم الشركات المدرجة فيه بالإفصاح ونشر البيانات عن الأنشطة والأرباح والخسائر، سوف تكون أبرز رد على الجهات التي تدعي أن المنظومة تعمل في أنشطة سرية، أو أنها تخفي أرباحها للتهرب من الضريبة، أو أنها تحظى بحماية الجيش في عملها مما يعطيها ميزة على الشركات العادية. سوف تزول كل هذه الترهات والشكوك بالتحول لشركة مساهمة عامة.
المكسب الثاني المهم للمنظومة هو ان الادراج يتيح لها التوسع في أنشطتها من خلال الحصول على رأس مال إضافي من المساهمين بطريقة سهلة وميسورة ودون اللجوء للتمويل من النظام المصرفي ذي التكلفة العالية.
المكسب الثالث المهم للمنظومة هو توسعة قاعدة المساهمين، فبحسب نظام سوق الخرطوم للأوراق المالية يحق لكل شركة مسجلة في السودان ولكل سوداني أو مقيم شراء أسهم الشركة التي تطرح في السوق الأولي أو الثانوي للأسهم. بهذا الاجراء سوف تجد أعداداً هائلة من السودانيين الفرصة لتحقيق أرباح ومكاسب لأنفسهم وأسرهم من خلال مجموعة منضبطة ادارياً ومحاسبياً، وتملك رؤية استراتيجية مفيدة للوطن. وسوف يكون هؤلاء هم أول من يدافع عن منظومة الصناعات الدفاعية في وجه عملاء المخابرات وأعداء الوطن. والله الموفق.