نعم سبحان مغير الاحوال. ومسير الجبال؛ مقسم النظرات.. والعبرات..الذي يجعل الناس فتنة بعضهم لبعض. وسبحان القائل:(قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين) صدق الله العظيم.
يا اخي:
ليس من شيمتي أن اتهم أو اتهجم على احد؛ ولكن..الرمادية لا تشبهني.. لأنني صاحب عقيدة ومبادئ؛ ولست من يجرون وراء المصالح ويتلونون وفقا للمتغيرات الخارجية والداخلية.
ما تعودت أن أبحث عن عيوب احد؛ ولا نقاط ضعف له ولا قوة؛ فلٱن البحث عن مقالي وعيوب الغير مذمة أو منقصة وعيب في حق المسلم. والواجب يقتضينا جميعا أن ينكب كل منا على نفسه؛ باحثا عن عيوبه لاصلاحها؛ وقد لاحظت كثير من الجماعات والاحزاب والافراد؛ اتخذوا من مواقف وأخطاء وعيوب الآخرين شاغلا لهم؛ يذمونهم ويمدحون من والاهم وناصرهم؛ يدافعون عنهم في كل الظروف دونما نظر للصواب والخطا؛ متناسين قوله تعالى:(ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا).
ان الاصطفاف مع مسلمة الفتح؛ والوقوف مع كيانات تعاني من الانحراف الفكري؛ وتتنكب في منهجيتها سنن التغيير وقوانين الاصلاح؛ هو عندي محل إدانة . وتحملني قناعة راسخة على الابتعاد واستخدام منهج فن المسافة ؛ سلامة لنفسي وراحة لضميري و إعلاء لمبدأ المسئولية.
يا اخي:
لست من المؤدلجين الذين يدافعون عن الحق حينا؛ والباطل أحايين أخرى بسبب غبش الرؤية وغياب البصيرة. وحين تتمايز الصفوف دونما خداع؛ وتنجلي الأمور وتتضح الحقائق؛ لا مكان للوقوف على الرصيد. فما تعودت أن تخوض معارك خاسرة (loosing battle). ولا الاستجابة لمنهج فرعوني؛ وتكبيى هاماني؛ وسياسة ميكافيلية.
ان القوالب الجامدة؛ والانتماءات الضيقة؛ والدوائر المغلقة؛ لا تسعني لانها تستند إلى أفق ضيق. فألناظر الى التكوينات السياسية الناجمة عن مؤتمر الخريجين الذي بدوره ثمرة لمدرسة المبشر؛ لم تقدم السودان قيد النملة إنما زادتها وبالا على وبالها بفعل الصنائع.
يا اخي..أظنك لم تعرفني جيدا ؛ ولم تدرك مفاتيح شخصيتي. فسبر فور الأنفس قضية عصية على الاكثرية؛ ولطالما يعجز الإنسان عن إدراك كنه نفسه؛ فمن باب أولى جهل غيره. وإن كان ذلك كذلك؛ فالتماس العذر؛ ورفع اللوم؛ يظل منهج العقلاء.
لا تستغرب؛يا اخي؛ فقد اقدم على أن انشر رايا ؛وانا ضده لسبب أو لاخر؛ واعذروني هنا؛ حيث لا مجال لتفسير هذه القضية المشكلة.
وقد انقل وجهة نظر واتحفظ حيالها ؛ ولو في خاصة نفسي؛ لان من تتوافر له منظومة واتساق فكري؛ قد يكون في مأمن من عثرات التفكير؛ وعلى قدر من الوعي بمعرفة عورات الفكر والمفكرين؛ والسياسية والسياسيين؛ دعك من الاتباع على غير هدى وبصيرة.
وقد اسكت أو اصمت عن قضية وانا اؤيدها؛ تغليبا لمصلحة أو دفعا لضرر اراه؛ وقد يراه غيري معي؛ وقد لا يكون ذلك كذلك.
يا اخي.. أن منطق من ليس معنا فهو ضدنا؛ يصدم كثيرين ولا يصدمني؛ لادراكي منطق الأشياء وتعقيداتها؛ وتناقض المواقف ومبرراتها؛ والتلون؛ والتبدل؛ والتزلف وغير ذلك.
فمهنيتي؛ وفردانيتي؛ ةاستقلاليتي؛ وشخصيتي أجبرتني أن أتمسك بما اراه صوابا؛ دون رغبة أو رهبة من جهة أو أحد. وهذا منهج ادركت اخيرا اني التزم به طوال حياتي؛ وسأظل وفيا له ومتمسكا به حتى مماتي. صدقني يا اخي ما انضويت – ولو للحظة- لحزب أو جماعة أو كيان سياسي؛ لسبب جوهري بسيط هو أن المواعين تلك لا تناسبني؛ والمواقف التي يسلكها الكثيرون لا تناسب شخصيتي المتمردة العصية على الأدلجة والبرمجة؛ لاني اتنسم عبق الحرية؛ واركل قيود الانتماء التي تكبل العقل وتحتفي ما يطلبه الضمير والفؤاد الصاحي.
يا اخي..لا أحب أن اتسلط على احد؛ ولا أن يتسلط علي أحد ؛كائنا من كان.
أدركت من وقت مبكر؛ أن من سعادة المرء أن يملك مفاتيح نفسه؛ ويدرك حسن استخدامها وتوظيفها؛ فالزمن نفسي؛ والتزمت هي بذلك معرضا عن كل حظ زائل.
يا اخي..
لقد ظل الكيزان يعيشون مني في ريبة.. منذ عرفوني وعرفتهم؛ وصارعوني وصارعتهم حين يستلزم الامر؛ والقحاتة اليوم كذلك؛ فهم لا يريدون لشخصيات قوية من خارج الدائرة الضيقة التي رسموها هم أن يقترب منهم احد.وهذا في حد ذاته يحملني ويبعدني من الاصطفاف المؤدلج؛ وأصحاب الانتماء العاطفي دونما عطاء.
يا اخي..قد تتساءل من انت وقد يساور كثيرون هذا السؤال؛ لكني اقول لست شيوعيا؛ ولا بعثيا؛ ولا جمهوريا؛ ولا ناصريا؛ولست اميا؛ ولا اتحاديا؛
ولست جهويا ولا عنصريا؛
كما أني لست مع هؤلاء.. ولا مع هؤلاء؛وانا ايضا لست ضد كل هؤلاء؛ وهذا قد يخبرك كما يحير الكثير.
فمن اكون إذن:
حنيفا مسلما؛ رساليا؛ مهنيا؛ سودانيا خالصا؛ ضد الاعوجاج حيث كان ؛ ومتى كان؛ وممن كان.
فيا أخي:
أدرك أن الناس في الثقافة العربية والسودانية؛ في كل زمان ومكان؛ يعيشون في ريبة من الإنسان المستقل عموما ؛ والمثقف على وجه التحديد لأمر أعرفه جيدا ويعرفونه هم.
التنظيمات يا اخي وفق ما نراه اليوم؛ آليات معطوبة؛ تخرب اكثر مما تعمر؛ وتضر اكثر مما تصلح؛ وتأخذ اكثر مما تعطي أن قدر أن يكون لها عطاء. يظلون يخدعون ويخادعون الناس؛ لكن لن تنطلي أساليبهم الملتوية واستراتيجياتهم المعطلة على العقلاء والحكماء والمثقفين الأتقياء.
وفي الحين الذي تندلع فيه المعارك؛ يبحث كل منهم عمن يناصره؛ وحين ينخذلون؛ ويقل النصير؛ يخونون هذا؛ ويشككون في ذاك؛ ويشيطنون من يشيطنون؛ يوزعون صكوك الغفران؛ وينشرون صكوك العمالة بين من لم يصطفون معهم.
يا اخي..ان من فقدوا دماءهم الطاهرة في ثورة ديسمبر٢٠١٩؛ ومن أبلوا بلاء حسنا اين هم اليوم. فالجثث لم تجد من يواريها حتى بعد عامين؛ والمفقودين لم يعرف الناس اين هم؛ وما مصيرهم؛ والشعب المغلوب على امره طحنته آلة الحرب؛ واليوم تلهبه نار الأسعار التي تصب حكومته الزيت عليها فتزيدها اشتعالا. لا احد يستمع لصراخهم ؛ ولا يستجيب احد لانينهم ؛ فقد صعد الطلقاء واللقطاء؛ وكل من ادعى الوطنية؛ وشذاذ الافاق؛ وحملة الجوازات الأجنبية سدة الحكم ؛ فلا حرية عززوها؛ ولا سلاما أرسوا قواعده؛ ولا عدالة نشروها؛ بل فعلوا عكس شعارات الثورة؛ ومنطق الأشياء و ضرورات الواقع تجبرنا أن نحقق المبادئ والشعارات؛ لكن اني يكون ذلك بسبب وجود كيانات لم ترتق لتوصف بأنها أحزاب؛ فهي فاقدة للديمقراطية فاني تمارسها .
أعد نفسي صاحب رؤية ؛ ومشروع إصلاح. و تقوم منهجيتي على اني مراقب للاداء؛ محلل للواقع؛ متابع لمجريات الاحداث؛ مفسر لما يجري ويدور في مجتمعي؛ فلا تطالبني بالاصطفاف الهدام للسودان؛ وحين أدرك أن النداء نداء السودان؛ وان في الاصطفاف نصرة للدين؛ وردا الظلم والعدوان ستجدني كما وجدتني بمناسبة تنظيم مشروع الإصلاح المؤسسي بجامعتنا قبل بضعة أشهر.
يا اخي..اني أدرك جيدا طبيعة الصراع الذي يدور في بلادنا حول السلطة والموارد؛ وادرك ادواته؛ والياته؛ وبرامجه؛ وشخوصه؛ وقيمه ومبادئه؛ ومآلاته ونتائجه…الخ ولكني فضلت أن أقف على مسافة من الكل؛ لا رهبة ولا رغبة؛ بل لسبب جوهري يتعلق بقدرتني واهليتي على معرفة الصواب والخطأ؛ وتبين الحق من الباطل. فالبصيرة والحكمة تقتضي أن إدراك الحقائق مقدم على الاصطفاف مع الفرقاء دونما تمييز .
يا أخي:
إن أردت أن تسمع صراخي..وهياجي مع من صرخوا وهتفوا؛ فستعجز؛ وان طلبتني للاصطفاف فستجدتني حينا وتعجز عن رؤيتي حينا اخر؛ وارجو أن لا تتعجب. وإن رغبت في تقويمي فإني أقوم نفسي بذات نفسي وفق منهجي؛ وأن اعجزتني فسٱجد من يقومها من تلقاء نفسي؛ فيما خلا العمل التنظيمي المؤدلج؛ والعمل المؤسسي المختل المنهج.
فهل بهذا عرفتني..يا اخي ..اظنك لا تعرفني وربما لن تعرفني.. وكثيرون لا يعرفونني..فلا يضيرني ذلك..وربما لن يضيركم ويضيرهم ايضا.
احمد الله على أني وجدت فرصة مناسبة لكتابة هذه الأسطر حول ما يجيش بدواخلي منذ عقود حين كنت طالبا في المرحلة الثانوية بمدرسة النهود. وحين انتقلت إلى الدراسة الجامعية سجلت موقفا يدركه البعض؛ لن انساه بسبب صراع الإخوان والأنصار حول رابطة طلابية ولائية؛ كل يريد أن يستأثر بها ليحقق مكاسب يراها في مخالفة صريحة للهدف من تكوينها.
اشكركم اخي شكرا جزيلا على أن أتحت لي فرصة لتدوين ونشر هذه العبارات والتي بكتابتها زال عني هم؛ وارتفع عني غم؛ لشرح قضية ؛ ولأن سؤالك هذا قد طرحه آخرون في أزمنة وأمكنة مختلفة؛ لم يجدوا مني الإجابة هذه؛ اجدد شكري وعظيم امتناني.
ولأن الكتابة لا تكون من غير دوافع وشعور؛ يملأ النفس ويفيض؛ فإن هذه الكلمات خرجت بهدوء وطيب خاطر؛ وامل ان تكون قد أجبت عن سؤالك؛ وأوضحت السبيل ؛ وكشفت عن المحجوبه والبينةو الدليل؛ واضاءت ورسمت معالم المنهج!