العواصم والمدن هي عناوين البلاد وقد يقاس جمال البلد بجمال عاصمتها وإلا لما تم اختيارها لتكون العاصمة .. اذ ان مقومات الاختيار تبني على عدة مقاييس ومواصفات وربما تتدخل هنا معايير الجودة
فالهيئة القومية للمواصفات والمقاييس في أي دولة لديها معايير حتي تطلق رخصة الانطلاق للسلع وفق المواصفة المطلوبة سواء كانت سلع صادر أو سلع الاستهلاك المحلي .. فالهدف يظل واحدا في كل الاحوال
اذا مقاييس الاختيار لعواصم الدول تتم وفقا لهذا العمل الفني
فالخرطوم عندما تم اختيارها لتكون عاصمة للسودان تم وفقآ لذلك ومن ثم لابد ان ننظر اليها بهذا المعيار الفني ولابد لها ان تعكس وجه السودان جمالآ وبهاءآ .. فالزائر عندما يأتي لأول مرة للسودان مثلآ : يرى من وجه العاصمة جميع مدن وقري السودان وبالتالي تتجسد في ذهنه (هذه من تلك ) بمعنى(هذه العاصمة من تلك المدن والارياف والقرى الأخرى) .. وهكذا
الآن العاصمة الخرطوم لم تعد كما كانت وكما ينبغي لها ان تكون ففي الماضي كان هنالك ثوبآ نسائيآ تتسابق النساء لاقتنائه .. كان يسمي "الخرطوم بالليل" في إشارة إلى أن "الخرطوم ليلآ" كانت أنوارها تعكس جمالها ونظافتها لذا شبه الثوب بها .. فالخرطوم الآن لم تكن كالثوب النسائي الجميل الذي سمي بها فقد اصبحت مكبآ للنفايات التي تزكم الأنف وأصبحت صورة العاصمة مشوهة تمامآ .. اكوام وأرتال من الأوساخ على كل شوارعها وطرقها وفي زقاقاتها .. يخجل الانسان وهو يشاهد هذه المناظر البشعة التي لاتشبه الذوق السوداني الرفيع ونقول هنا المواطن السوداني لا أظنه بينه وبين نفسه يقبل ان تكون مدينته الأولى كهذه كما أنه على استعداد تام للمشاركة في حملات النظافة اذا نادي المنادي
فالسوال : أين عربات النفايات التي كانت تجوب العاصمة بحثآ عن النفايات لترميها بعيدآ بعيدآ في أماكنها المخصصة لها؟ فالمواطن كان يدفع رسومها بكل اريحية طالما ان الهدف أن تظل شوارعه نظيفة فنظافة الشارع الواحد تعكس نظافة كل الشوارع ..
ولكن سادتي المشاكل السياسية والصراعات انستنا ابسط الاشياء حتى فقدنا جمال مدينتنا الأولى وبالطبع ستسقط في مسابقة اجمل العواصم بل ولا اظنها ستشارك في مثل هذه المسابقات لانها لاتملك مقومات المشاركة
فعلي السلطات والجهات المختصة إصدار توجيهات صارمة وتفعيل دور المحليات في هذا الجانب لنظافة الخرطوم وتخصيص أيام أسبوعية للمواصلة المستديمة في حملة النظافة على أن تشمل النظافة الاحياء والاسواق … فالاسواق بحاجة إلى حملة يومية ودونكم ما تشاهدونه يوميآ وانتم بداخلها لشراء الاحتياجات الأسرية
كل هذا من اجل ان تعكس الخرطوم وجه مدننا الأخرى وبالتالي تكون جاذبة للاستثمارات التي ننادي بها وانشأنا وزارة مخصصة لها .. فالمستثمر سيهرب اذا وجدنا ونحن لا نعير بالنظافة اي اهتمام ولاشك انه سيعقد مقارنة بيننا وعواصم أخرى مما يجعله يذهب من غير رجعة وتذهب مع الريح مقولة وشعار " تعال ومعك آخرون"
فالدول السياحية والتي تمتلك مقومات سياحية واستثمارية أقل بكثير من مقوماتنا السياحية فجمال ونظافة مدنها في قائمة الأولويات لجذب السواح والمستثمرين لذا فنجد السواح يتقاطرون عليها وبالتالي تزداد ايرادتها باعتبار ان السياحة والاستثمار موارد ذاتية .. فالموارد الذاتية التي تتحدث عنها وزارة المالية يمكن أن تأتي من السياحة ايضآ كما ان جمال ونظافة المدن تعتبر مهمة للغاية ولا أظن أن الشاعر المصري "صلاح عبد الصبور" قد كتب قصيدة "ملتقي النيلين" عبثآ عندما قال ..
ولاهذي ولا تلك
ولا الدنيا بمن فيها
تساوي ملتقي النيلين
في الخرطوم ياسمرا
فالخرطوم سنظل نعشقها ونعشق نيلها :
وهذا الابيض الهادي
يضم الازرق الصدرا
لا انفصلا ولا انحسرا
ولا اختلفا ولا اشتجرا
نعم نعشفها ولكنها اصبحت لاتسر الناظرين