أصدر بنك السودان المركزي خلال هذا الاسبوع منشورا أعلن بموجبه اصدار عملة ورقية جديدة فئة ال (1000) جنيه وقد جاء في الأخبار الآتي :
(أعلن بنك السودان المركزي عن طرح ورقة فئة الـ(1000) جنيه وفقاً لأحكام المادة 6/أ من قانون بنك السودان المركزي للعام 2002م وإستناداً الى سلطات البنك المركزي وإختصاصاته ومسؤولياته في حماية العملة الوطنية واستقرار سعر صرفها والعمل على تحقيق الإستقرار الإقتصادي .
وحدد البنك في منشور له عن إصدار العملة الجديدة فئة الألف جنيه بالمواصفات والعلامات التأمينية المصاحبة) … انتهى الخبر
اذا ماذا يعني إصدار عملة جديدة بالبلاد في ظل تدني الإيرادات وتدني الانتاج؟ هل اصدار عملة ورقية جديدة يغطي العجز وبالتالي ينتعش الاقتصاد السوداني وتستقر أسعار العملات؟
ولكني اقول لا … فرغم معرفتي المتواضعة اقتصاديا فان الدول تلجأ لإصدار عملات ورقية جديدة لتغطية عجز إيراداتها وضعف إنتاجها ومعالجة ارتفاع معدلات التضخم .. كما ان إصدار عملات ورقية جديدة ومن الفئات الكبيرة يعني مزيدا من التضخم ومزيدآ من الانفلات الاقتصادي طالما لم يكن بالمقابل إنتاجا وايرادات كافية
الآن السودان يعاني مشاكل اقتصادية كثيرة أدت الي ارتفاع معدلات التضخم بصورة مدهشة متجاوزا ال 300% مما جعل تصنيف السودان من الدول الأعلى تضخما … ف"التضخم" كما هو معروف يجئ نتيجة للارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع المرتبطة بحياة المواطن والتي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها لذلك مهما طبعنا من عملات فإنها ستذوب طالما ان هنالك خلل لم يتم علاجه
فعلاج العلة يجب ان يكون اولا بطرق أخرى غير اصدار عملات جديدة .. فمهما كثرت النقود فإن (حرامي الجيوب) سيلتهمها واقصد ب(حرامي الجيوب) هنا التضخم ولعمري هذا وصف دقيق للتضخم أو كما وصفه احد الخبراء الاقتصاديين حيث قال : التضخم هو الحرامي الذي يدخل الجيوب
فالعلة معروفة وهي تدني الانتاج في كل القطاعات وتدني الانتاج ينعكس بصورة مباشرة على الإيرادات وضعفها وبالتالي اللجوء الي الحلول السهلة وإن كانت مكلفة كطباعة العملة من اجل سد النقص ..
فلابد الي ضرورة الالتفات الي زيادة الانتاج وتحفيز المنتجين .. فهل يعقل مثلا ان وازرع وانتج ولا جد تسويقا يغطي تكلفة الانتاج حتي ينعكس ذلك على التحضير للموسم الصيفي الذي هو على الابواب الآن؟ حيث من المفترص ان يكون قد اكتمل ولكن!!!!
الاهتمام بالإنتاج وحمايته له انعكاسات ايجابية والتي من أهمها حماس المنتجين للدخول للموسم … يدخل وهم أكثر نشاطا وحماسا طالما أنهم يجدون من بسوق انتاجهم ويحميهم … ودونكم ما حدث لمحصول القمح حتي اضطر "المزارعين" لبيع إنتاجهم بالخسارة لتغطية تكلفة الانتاج
الصورة القاتمة للاقتصاد ستنعكس على كل أوجه الحياة وبالتالي لا ينفع حتي وان ملأنا خزينة البلاد بالعملات الجديدة طالما ان ايراداتنا ضعيفة ولايوجد في المقابل من يغطي ضعفها