الاقتصاد السوداني مازال يفاجئنا يوم بعد الآخر بالمفاجآت التي تؤدي إلى ارتباك المشهد الحياتي ، فالأموال التي بحوزتنا حتى وان كثرت أصبحت لا قيمة لها في ظل الارتفاع الحاد في أسعار مختلف السلع ذات العلاقة المباشرة بالاستهلاك اليومي .. لذلك قد نجد أنفسنا في غنى عن الكثير من الفئات الورقية المتدنية
اقول هذا وفي الخاطر فئتي الـ (10) والـ (20) جنيها والتي اصبحت لاقيمة لها في ظل الواقع الاقتصادي والأزمات المتلاحقة التي نعيشها
نعم فئات الـ (10) و (20) جنيها تلاشت تلقائيآ بدون ان يكون هناك توجيها أو قرارا من بنك السودان المركزي الامر الذي يؤكد انها مازالت مبرئة للذمة وذلك إلى حين قرار رسمي من المركزي بالاستغناء التدريجي عنها
بالتلاشي دون قرار يعتبر أمرا طبيعيا حيث جاء في خضم أنها اصبحت لا تفي بشيء في ظل الارتفاع المتصاعد للأسعار .. حتي وانها اصبحت معدومة في أيدي المواطن أو حتى التجار .. فالتاجر يميل ان يعطيك (الباقي) ان كان 20 جنيها قطعة واحدة من (اللبان) .. نعم قطعة واحدة وليس قطع !!!
اما فئة ال (10) جنيه فالمواطن لا يسأل في الأصل عنها لأنها لاتسمن ولاتغني عن جوع
لذا نجد هذه الفئات قد تلاشت في ظل هذا الوضع الذي نعيشه الآن .. تلاشت وقريبآ جدآ ستتلاشي فئة ال (50) وال (100) جنيه خاصة وأن معظم المصارف بدأت تتخلص من فئة ال (50) .. ودونكم مرتادي المصارف بان المبالغ التي يحصلون عليها من المصارف مقابل الشيكات معظمها من فئات الـ (50) جنيه مما يشير بأنها هي الأخرى سائرة على نفس الدرب وقد تلاحظون حتى الأطفال لا يقبلون بأن نعطيهم من هذه الفئات
فارتفاع التضخم المتصاعد شهر بعد الآخر والذي يجئ نتيجة لارتفاع الأسعار خاصة مجموعة "الطعام والشراب" ذات العلاقة اليومية بالمواطن بالإضافة إلى مجموعة "السكن" والتي اصبحت متصاعدة ايضا .. كل هذه الأشياء مجتمعة ادت الي ارتفاع التضخم وبالتالي انعكس ذلك على التعامل مع الفئات الورقية المتدنية وربما في القريب العاجل ستتدخل ايضا فئة ال (500) جنيه اذا استمر الوضع بهذه الصورة
فالازمة الاقتصادية الطاحنة التي ضربت البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة رمت بظلالها على كل مناحي الحياة ليس الفئات النقدية فقط وإنما اثرت ايضا على الانتاج وتدني بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج حيث أغلقت معظم المصانع وتوقفت عجلة إنتاجها
فالوضع الاقتصادي بحاجة إلى قرارات عاجلة مع ضرورة استشارة ذوي الخبرة والاختصاص في هذا المجال .. الشورى والمشورة تؤدي إلى وضع سياسة حكيمة .. (فلا خاب من استشار ولا ندم من استخار ) .. وقال تعالى في محكم تنزيله (وأمركم شوري بينكم)
فبلادنا مليئة بالخبرات وأصحاب الأفكار الاقتصادية النيرة المشبعين بالوطنية وحب الوطن .. فقط اجلسوا معهم في طاولة واحدة لكي يسمعوا منكم وتسمعوا منهم وستكون النتيجة في النهاية مذهلة